ماذا يعني لك أن يأتي نبي صيني يقول: أنّ دليل صدقه هو كتاب معجز باللغة الصينية ويتحدّاك أن تأتي بمثله ؟!.
إذا نظرت في سيرته ووجدته صادقا تقيا ورعا، لم يرم بكذب ولا فجور، وهو إلى الغاية في العبادة والزهد في الدنيا، ثم نظرت في معاني كتابه الذي يقول إن الله أوحى به إليه فوجدت فيه الفضائل الأخلاقية والحكمة التشريعية والاعتقاد الصافي الموافق للفطر والعقول، ثم قد أخبر بالغيب الواقع، ثم وجدته تحدى أمته الصينية كثيرة العدد متوافرة العداوة على أن يأتوا بمثل كتابه، فلم يقدروا، واستعاضوا عن ذلك بقتاله وحربه، ثم تابعه فئام عظيمة من الناس، دهرا طويلا يزيدون لا ينقصون، وبرهانه مستمر ودلائل صدقه قائمة ولا زال إعجازه وتعجيزه مستمرا = فلابد أنه نبي إذن، فإن الصادق لا يكذب، والمتوهم لا يستمر وهمه، والله لا يؤيد بالغيوب والمعجزات إلا من أمنه على وحيه وإلا أغرى بالناس. ولا يمكن الاستدلال على نبوة نبي بأبلغ من ذلك، وإلا لم تكن نبوات، وكان الله ترك الناس سدى وعبثا، ولكان أجدى ألا يكون الله موجودا إذ لا يصح أن يكون على هذه الصفة من العبث والإهمال والظلم، ولكن الله قطعا موجود، فيجب أن يصح كل ما سبق لأنه لا سبيل غيره لمعرفة صدق من يبلغ عن الله، بأي لسان كان، فلابد للمبلغ من لسان يتكلم به، والسؤال عن لسان دون لسان معاياة ومكابرة لأنه لا بديل لذلك في دنيا الناس، إلا مشافهة الله للخلق بربوبيته، وهذا خلاف حكمة الابتلاء الذي يترتب عليه ظهور المفسد من المصلح وترتب النعيم والعذاب.