_
حدّثني صديقٌ اليوم، عن امرأةٍ لم تدع الحياة بابًا لشقائها إلا وطرَقته، ولا أعلم من أين لها أن تتحمل كلَّ هذا الذي تُكابدُه، وكيف لها ألا تتهاوى أمام النار التي تضطرم كل ليلةٍ في أحشائها.
منذ يومين فقدَت تلك المرأةُ قطعةً من قلبها وفلذةً من كبدِها، نتيجة الإصابة بذاك الوباء الذي أصبح لا يفرق بين كهلٍ ووليد، دفنت بيديها قطعةً من نور؛ طفلها الذي لم يكد يبلغ الخامسة من عمره، فلم تكَد تحتسب أنينها وتسترجع فقْدَها حتى فُوجئت بطفلها الثاني ينازع الموت، ويجاهد طلبًا في البقاء، فأصيب هو الآخر بلعنة ذاك الوباء، وقسوة آلامه ولظى لفحاته، وبدأ ينزف دمًا بداخل جسده، كأن الدماء أحست بوجد أمه فقررت أن تحتفظ بدفئها داخل جسده.
أخذت أمه تجري بين أروقة المستشفيات، تحمل فؤادها بين أذرعها، تضمه لتُشبع صدرها من أنين ولدِها، وكأنها تشعُرُ أنها على مشارف محنةٍ أشد، وما هي إلا ساعات حتى فقدَت وليدها، ولست أملك من العقل ما يأخذني إلى لمحةٍ من تخيُّلِ موقفها، وصرخاتها وأناتها وزفراتها، فلم تمضِ بضع ساعات منذُ أن دفنت صغيرها، حتى تستعد لدفن الثاني.
ولم تتوقف سلسلة ابتلاءاتها عند هذا الحد، فلها طفلةٌ أخرى كانت قد نشب حريقٌ في جسدها منذ عام، وقد باعت أثاث بيتها لتوفر الدواء لطفلتها ولا زالت تعالجها، فضلا عن وفاة زوجها منذ عدة سنوات، ثم يأتي رجلٌ نُزِعت من قلبه كل معاني الرحمة والإنسانية، بل لا يستحق أن ينتسب إلى بني البشر بأي شكل من الأشكال، وإنما أحق بأن يجلس وسط جماعة من الوحوش الضارية والسباعِ الفتّاكة، إذ به يطرُد المرأة من بيتها لعدم سدادها إيجار شقتها، لتستقبل الشوارع المظلمة والأزقة المهجورة أمًا وثلاثة أطفال -قبل أن يصبحوا الآن طفلة واحدة- حتى ضمّتها إحدى البيوت لتعيش مؤقتًا فيما بينهم حتى يقضي الله فيها أمره.
رُبما توالت عليها ابتلاءات الرحمن لتصل إلى موعد القضاء ونقطة اللقاء طاهرة نقية من كلِّ ذنب، وجعل لها في الجنة طفلين يهتفان باسمها في أرض المحشر، لكن أحوالها تُبكي الفؤاد دمًا، وتنخلع لصبرها الجبال، وتتقطع لها نياط القلوب.
نسأل الله الرحمة لقلبها والصبر على ما ابتلاها، وتفريج كربها وإزاحة همها.
منذ يومين فقدَت تلك المرأةُ قطعةً من قلبها وفلذةً من كبدِها، نتيجة الإصابة بذاك الوباء الذي أصبح لا يفرق بين كهلٍ ووليد، دفنت بيديها قطعةً من نور؛ طفلها الذي لم يكد يبلغ الخامسة من عمره، فلم تكَد تحتسب أنينها وتسترجع فقْدَها حتى فُوجئت بطفلها الثاني ينازع الموت، ويجاهد طلبًا في البقاء، فأصيب هو الآخر بلعنة ذاك الوباء، وقسوة آلامه ولظى لفحاته، وبدأ ينزف دمًا بداخل جسده، كأن الدماء أحست بوجد أمه فقررت أن تحتفظ بدفئها داخل جسده.
أخذت أمه تجري بين أروقة المستشفيات، تحمل فؤادها بين أذرعها، تضمه لتُشبع صدرها من أنين ولدِها، وكأنها تشعُرُ أنها على مشارف محنةٍ أشد، وما هي إلا ساعات حتى فقدَت وليدها، ولست أملك من العقل ما يأخذني إلى لمحةٍ من تخيُّلِ موقفها، وصرخاتها وأناتها وزفراتها، فلم تمضِ بضع ساعات منذُ أن دفنت صغيرها، حتى تستعد لدفن الثاني.
ولم تتوقف سلسلة ابتلاءاتها عند هذا الحد، فلها طفلةٌ أخرى كانت قد نشب حريقٌ في جسدها منذ عام، وقد باعت أثاث بيتها لتوفر الدواء لطفلتها ولا زالت تعالجها، فضلا عن وفاة زوجها منذ عدة سنوات، ثم يأتي رجلٌ نُزِعت من قلبه كل معاني الرحمة والإنسانية، بل لا يستحق أن ينتسب إلى بني البشر بأي شكل من الأشكال، وإنما أحق بأن يجلس وسط جماعة من الوحوش الضارية والسباعِ الفتّاكة، إذ به يطرُد المرأة من بيتها لعدم سدادها إيجار شقتها، لتستقبل الشوارع المظلمة والأزقة المهجورة أمًا وثلاثة أطفال -قبل أن يصبحوا الآن طفلة واحدة- حتى ضمّتها إحدى البيوت لتعيش مؤقتًا فيما بينهم حتى يقضي الله فيها أمره.
رُبما توالت عليها ابتلاءات الرحمن لتصل إلى موعد القضاء ونقطة اللقاء طاهرة نقية من كلِّ ذنب، وجعل لها في الجنة طفلين يهتفان باسمها في أرض المحشر، لكن أحوالها تُبكي الفؤاد دمًا، وتنخلع لصبرها الجبال، وتتقطع لها نياط القلوب.
نسأل الله الرحمة لقلبها والصبر على ما ابتلاها، وتفريج كربها وإزاحة همها.