إلى هؤلاء الصامتين؛ الذين ودّعوا الراحةَ والنّوم، العابرين عبر المِحَن، الجالسين على الأرصفة وتحت الأشجار، السائرين في جُنحِ الليل بلا دربٍ وبلا وِجهة، يبحثون عن خيوط الأدخنة والأضواء الخافتة، يتحسسون المطر وأشباه المطر. إلى هؤلاء السالكين دروب الجَهد، الممترين في حقيقة سعيهم، المُقتفين لآثار الخنادق وأسنّة الأشواك في الطُّرقات. كونوا على موعدٍ مع ضيفٍ جديد، ينتابه اليأس وتقضمُه الهزيمةُ ولا يملّ، علّكم تجدون في أشلاء روحه ما يواسي صبركم.
في رثاء الرافعي قال محمود شاكر: "أريد أن أجد بعدك من أضعُ في يديه الرفيقتين هذه الجروحَ الداميةَ النابضة التي أُسمّيها قلبي! أُريد أن أجد ملجئي المؤمن حين تطاردني من الظنّ صعاليكه الكافرة."