أحبَّ أحدهم فتاة كانت تبيع عود السِّواك، والمعروف أنَّ السِّواك يُصنع من شجر الأراك، فذهب إليها وقال: أراك؟ وهو يقصد أنه يريد رؤيتها.. فذهلت الفتاة عن مقصودِه الحقيقي، وظنَّت أنه يريد [سواكا] فأخرجت له واحدًا فقال لها: لا أريد سِواك.- لقائلها.
في تلك اللحظة، من تلك الليلة لم يكن في حاجة لأكثر من أن يُلقي بثقل رأسه كله فوق ساقيها ويُغمض عينيه في سكينةٍ، مستجيبًا لهدهدةِ أناملها مستمعًا لدقات قلبه التي تطن في أذنيه كمثل سيمفونيةٍ تنبؤه بأن العالم على وشك أن يتداعى، ولكن فقط ليس الآن، ليس وهو بين يديها.سلمى عبدالوهاب، مقتطف.
أخبرتك من قبل أنني أصلح للحب؛ واليوم أخبركِ أيضا أنني لديَّ القدرة على تضميد جراحك؛ ليس لأنني طبيب، لكن لأنني جريح ضمد جراحه بلا قطن واقتلع من ساقيه طلقات الزمن بلا مخدر؛ فصار خبيرا بالألم ويعرف كيف يروضه. .. إنني أعلم أنك مثقلة بالخيبات مثلي تماما، وأن كتفيك فوقهما أطنان من الغبار، وأن قلبك القاني بهت لونه في الجسم الذي يعاني، وأن انحناء الظهر من قسوة الدهر، وأن انتفاخ العينين من البحث في الظلام عن بصيص نور. إنني أشعر بما تخفينه وما تخافينه، وأسمع في صمتك ما يغني عن صوتك، وأرى في وجهك القصة كاملة.. ينقصها السطر الأخير.. وها أنا جئت.. لأسكن على يسار آخر صفحة.. والتي نقول فيها: "تمَّت بحمد الله". .. كأن كل واحد منا لصاحبه كالسكون على آخر حرف.. بعد تعارك الحركات في جملة طويلة.- يوسف الدموكي، مقتطف.