_?
-عندما تُوفي جدّي، أُصيبت جدتي بالزهايمر، نسيت اسمها وأين تقْطن، لم تتذكر كنيتها حتى، مواعيد أدويتها التي كانت تنتظر أن يستوطن العقرب الكبير على الثانية عشر في كُل ساعة بفارغ الألم، كانت قد أُزيلت تماماً من ذاكرتها المؤقّتة، كانت في كُل يوم تستيقظ في تمام السادسة، تتّجه نحو المطبخ على عجل، تضعُ بنّ القهوة في فنجان أزرق وتجلِس، لقد نسيت كيفيّة إعداد القهوة لكنها تذكّرت فنجان جدّي المفضل، تمضي نهارها ما بين صُحف جدي القديمة، تتظاهر بالقراءة، وعندما تعجز عن كلمة مُعينة ترتدي نظارة جدي، عندَ الظّهيرة، تسمك قمصانهُ، تشتمهم تارة، وتُعانهم تارةً أخرى، عند الخامسة تماماً، تتجه إلى مرآتها، لتضع القليل من أحمر الشّفاه، وتجلس على إحدى درجات المنزل في الخارج وكأنّما تنتظر فقيدها الّذي أطال غيابه، ظننتها جُنت، حتّى إقتربت مني ذات ليلة، وضعت رأسها في حِجري، أمسكت يداي ووضعتهم على شيب رأسها، شابكت يديها، ونظرت إليَّ ببؤس وقالت: لقد اشتقته، اشتقته جداً، لا أذكر شكله ولا حتّى صوته، رائحتهُ تتشابك في ذاكرتي، إلا أنني أذكر حُبي له، أخبريه أن يعود?!'.