-
شتاءُ الغربة...
عزيزتي أكتبُ لكِ بعد حين..
انطفأت شموعُ الرهبةِ وتدفقت الفوضى كما الظلام!
يمضي الصغيرُ بعقدهِ الأولِ من الزمان متطلعاً لكل ما يمنحه قدراً إضافياً من الحياة، قدراً من نور يكشف له عما هو عليه وما من حوله غيرَ آثمٍ أو مبالٍ بما تؤول إليه مساراتُ الرغبةِ في المزيد ولا بما ينمو فى جوفه من تمهين للإدراك أو سطوة الشعور.
يمتثل الصغيرُ لواقعٍ مُحَررٍ من الانحيازات الذهنية والتقلبات الشعورية، فالأحلام بغير مرجعية والذكريات في طور النشأة الأولى والتبعات غير مُدْركة.
يمتثل الصغيرُ آنذاك لحاضرٍ بغيرِ ماضٍ ومن ثَمَ يُهمله الزمانُ وينتهي عصر السلام..
هل استشعرتى تلكَ الوفرة من سلام الروح عند كل مفرق يتجسد لكِ عنده عصر السلام؟! هل لكِ أن تخبرينى كيف هو الآن؟!
عند فورةٍ من الخيالات ينحنى الزمنُ، ليمر صغيرنا بسلسلةٍ من التجاربِ والأحداثِ المتشابهة أو المتنوعة باختلافها كلها في آن واحد والتى قد يتقاطع بعضها مع الحاضر من المستقبل.
يصبح الواقع تراكماتٍ من حواضرَ عدة فى نطاقاتٍ متوازية. ينحصر الصغير في بعضها خيالاً ويُسّجن في بعضها واقعاً حتي يتزعزع الفاصل بين الواقعِ والخيالِ للمرةِ الأولي.
تصاحبه غايةٌ فطريةٌ في السعي وراء بواطن الأمور، فيعتليه أرق التساؤل. تمسي المفاهيم دروباً لممالكِ المعارف، لا يوشك علي بلوغ نهاية واحدٍ حتى يسعي في غيره.
تتنازعُ دلالتي الخير والشر فى عقل الغلام، فيأثم حينما تميل كفةُ الشر لرعونته، ويثابُ في أحايين أخري من غلبة الخير. يتوهم حالات نضج ذهني ونفسي زائف أو لكِ أن تقولي غيرَ مكتمل حتي يستقيظ يوماً ليتيقن أن ما كان لم يسلم وأن ما آت يشوبه التعقيد فتهمش العفوية وينتهي عصرُ الجموح.
تنقضى هذه الليلة لنستيقظ على عالمٍ نحفظ معالمه عن ظهرِ قلب، تتماثل كل التفاصيل مع الإصدار المصور في عقولنا، كل شئ يقبع فى مكانه وعلى ما كان عليه، كل الأشخاص كما هم .. متشابهون.
ولكن تظل الغرابة تعبقُ بكل شئ. لا ندرك بالكليةِ ما الخطب بنا! فالعالمُ لا ينقلب بين ليلةٍ وضحاها، لا بتقلبِ أهوائنا ولا بأماني آلاف الشهبِ الصامتة. بل أي ليلةٍ هي كافية لترتحل من جوفٍ لتعود إليه في غير زمنهِ الأول!
ونظلُ نتسائل .. من نكون الآن؟!
ينبضُ الوعى وتبدأ رحلةَ الفناء...
(١)
١٤ جمادى الأول ١٤٤١
٢:٢٢ صباحا
#وأنتِ_ملاذي_الأخير!
عزيزتي أكتبُ لكِ بعد حين..
انطفأت شموعُ الرهبةِ وتدفقت الفوضى كما الظلام!
يمضي الصغيرُ بعقدهِ الأولِ من الزمان متطلعاً لكل ما يمنحه قدراً إضافياً من الحياة، قدراً من نور يكشف له عما هو عليه وما من حوله غيرَ آثمٍ أو مبالٍ بما تؤول إليه مساراتُ الرغبةِ في المزيد ولا بما ينمو فى جوفه من تمهين للإدراك أو سطوة الشعور.
يمتثل الصغيرُ لواقعٍ مُحَررٍ من الانحيازات الذهنية والتقلبات الشعورية، فالأحلام بغير مرجعية والذكريات في طور النشأة الأولى والتبعات غير مُدْركة.
يمتثل الصغيرُ آنذاك لحاضرٍ بغيرِ ماضٍ ومن ثَمَ يُهمله الزمانُ وينتهي عصر السلام..
هل استشعرتى تلكَ الوفرة من سلام الروح عند كل مفرق يتجسد لكِ عنده عصر السلام؟! هل لكِ أن تخبرينى كيف هو الآن؟!
عند فورةٍ من الخيالات ينحنى الزمنُ، ليمر صغيرنا بسلسلةٍ من التجاربِ والأحداثِ المتشابهة أو المتنوعة باختلافها كلها في آن واحد والتى قد يتقاطع بعضها مع الحاضر من المستقبل.
يصبح الواقع تراكماتٍ من حواضرَ عدة فى نطاقاتٍ متوازية. ينحصر الصغير في بعضها خيالاً ويُسّجن في بعضها واقعاً حتي يتزعزع الفاصل بين الواقعِ والخيالِ للمرةِ الأولي.
تصاحبه غايةٌ فطريةٌ في السعي وراء بواطن الأمور، فيعتليه أرق التساؤل. تمسي المفاهيم دروباً لممالكِ المعارف، لا يوشك علي بلوغ نهاية واحدٍ حتى يسعي في غيره.
تتنازعُ دلالتي الخير والشر فى عقل الغلام، فيأثم حينما تميل كفةُ الشر لرعونته، ويثابُ في أحايين أخري من غلبة الخير. يتوهم حالات نضج ذهني ونفسي زائف أو لكِ أن تقولي غيرَ مكتمل حتي يستقيظ يوماً ليتيقن أن ما كان لم يسلم وأن ما آت يشوبه التعقيد فتهمش العفوية وينتهي عصرُ الجموح.
تنقضى هذه الليلة لنستيقظ على عالمٍ نحفظ معالمه عن ظهرِ قلب، تتماثل كل التفاصيل مع الإصدار المصور في عقولنا، كل شئ يقبع فى مكانه وعلى ما كان عليه، كل الأشخاص كما هم .. متشابهون.
ولكن تظل الغرابة تعبقُ بكل شئ. لا ندرك بالكليةِ ما الخطب بنا! فالعالمُ لا ينقلب بين ليلةٍ وضحاها، لا بتقلبِ أهوائنا ولا بأماني آلاف الشهبِ الصامتة. بل أي ليلةٍ هي كافية لترتحل من جوفٍ لتعود إليه في غير زمنهِ الأول!
ونظلُ نتسائل .. من نكون الآن؟!
ينبضُ الوعى وتبدأ رحلةَ الفناء...
(١)
١٤ جمادى الأول ١٤٤١
٢:٢٢ صباحا
#وأنتِ_ملاذي_الأخير!
Liked by:
Sa Ra
Miss. Nobody
رِ