@Oddaaii

عُدي

Ask @Oddaaii

Sort by:

LatestTop

Previous

Related users

‏سيكون مفيدًا أن نتعلم كيف نكوِّن تصورات صحيحة عن علاقاتنا بالآخرين قبل الاندفاع نحوهم، وذلك وفقًا للمبادئ، وأن لا نجعل من نزعاتنا وأهوائنا ومصالحنا الخاصة معيارًا، لأنَّ نفس التكوين النفسي/ الأخلاقي الذي أعجبنا في أحدهم قد لا يعجبنا حين يتكشَّف في مواقف أخرى.

بداية يصدمك الألم ويهزّ أعماقك، يجعلك أكثر نقاءً من الداخل، أكثر إحساساً بالآخرين، ثم يزيد من وعيك إلى حد ما، فتعيد النظر بكل ما آمنت به في يوم من الأيام، ما يدفعك في النهاية لتكون أصدق مع نفسك، أشد صبراً على الأذى، وأكثر ذكاء في التعامل مع الآخرين الذين رقّ قلبك لهم في البداية، فلا تخدعك الأشياء التي كانت تخدعك في الماضي. ولكن هذا لا يدوم طويلاً، لا يمكنك أن تعيش مع هذا الإفراط في فهم أغوار الناس وإدراك دوافعهم، فهم حقيقة أن هذه الحياة عبثية ومهينة، وأن كل شيء أشبه ما يكون بالدخان، لا يمكن لإنسان مهما تحجّر قلبه وسُحقت كرامته أن يعيش طويلاً بهذه الطريقة. الوحدة العميقة مصير الأرواح الهائمة، العيون التي تبصر أبعد مما ينبغي، الناس الذين يفكرون ويشعرون أكثر من اللازم، هذه هي الحقيقة المحتّمة الصارمة. تودّ لو أنك لم تغرق في هذه الأعماق التعيسة والمظلمة، حيث تبدو الأشياء أكثر وضوحاً في الظلام، لو أنك لم تعرف النوايا، لو أنك بقيت عاجزاً عن كشف الحقيقي من المزيّف، تودّ أن تخدع نفسك بنفسك، ألّا تشعر، ألا تفكّر,، ألا تتذكر، فالإنسان بحاجة لأن يشتّت نفسه عن الحقائق المؤلمة من وقت لآخر، لأن يُخدع بأحسن صورة ممكنة. تحاول أن تسترجع ثقتك بالآخرين، بالحياة وبنفسك، أن تؤمن بشيء ما، أن تكون بطلاً في قصّة أحدهم، ولكنك مهما رفضت ومهما بذلت من جهود، فإن ذلك لن يغيّر من الأمر شيئاً. إذ كيف يمكن للمرء أن يستردّ شيئاً كان وهماً بالأساس؟ ألم يكن من الأفضل أن تبقى ساذجاً؟ ألم يكن من الأفضل أن تبقى منخرطاً في التصفيق مع الجمهور؟ ها قد خرجت من القطيع. إلى أين وصل بك التفكير إذن؟ الفلسفة؟ الكتابة؟ أصبحت أنت المهزلة! النكتة السخيفة التي ينخرط الجميع في التندّر عليها. وصلت بقدميك إلى الهاوية، سحقاً للعقل إذن، أليس كذلك؟ سحقاً للعقل نعم، ولكن لا ترجع إليهم، أفكارك الحقيقية احتفظ بها في قرارة قلبك، وقل لهم النكات السخيفة التي يريدون سماعها، سحقاً للعقل ولكن لا تستسلم، لا ترجع إليهم! كن مهووساً مهما أدانوا ذلك، اتبع غرائزك بلا رحمة، اتبع أغرب أهوائك الخسيسة، ولكن لا ترجع إليهم، فبعد أن عجز الآخرون أن يفهموا آلامك العظيمة، أن يروا ما في قلبك من عواطف نبيلة أغرقته بالمرارة، لم يبقَ أمامك إلا أن تصبح مهرّجاً تافهاً أو ساخراً بارعاً وأنت تعيش أو ربما تموت في عزلتك المخيفة الباردة.

View more

Next

Language: English