في كلّ ليلةٍ أحرقُ كومةً من السجائرِ، أنفثُ دخانها حتى أراكِ في ضبابِ دخانها ترتسمين فأفشلُ، فسجائري مثلي غاضبة لا يهمّها سوى الاحتراق وإحراقي. في كلّ نفثةِ دخانٍ منها حكاية لرحلتنا، ترى الثائرَ على صمتِ احتراقٍ طال، نصبغُ الفضاء بسحابةِ شكوى صادقة، نلاطف الأحزان فيها بنفخاتٍ متتالية، أغمضُ العينَ فيها من عصفٍ حائرٍ يسردُ قصّةَ الضياعِ لا تعرفُ سوى بدايةٍ آسرة، أعزّي نفسي بها مشكلاً طيفاً راقصاً، أتابعُ اشتعالَ أخرى بأخرى ناشداً سلاماً مؤقتاً. يختلطُ دخانها ببخارِ القهوةِ المشبعةِ في مشهدِ عناقٍ مغري، كم تمنيتُ لو كنّا أنا وأنتِ مكانَ هذهِ الأبخرة، لكنّ أعقابَ السجائر تشكو إليّ بحرقها، ونقاء الهواء يشكو تلويثه، وأنا تشكو رئتيّ وجعاً أكبر من شكواهال آدم قزاز