@Suaalorg

Suaal - سؤال

Ask @Suaalorg

Sort by:

LatestTop

إيه معنى الآية اللي بتقول النار يعرضون عليها غدوا وعشيا؟

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة" .
وهذا الحديث عام في كل مسلم وكافر، فالكافر يرى مقعده من النار أول ما يُدفن، والمسلم يرى مقعده من الجنة كذلك.
قال ابن مسعود: أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود يعرضون على النار كل يوم مرتين تغدو وتروح إلى النار ويقال: يا آل فرعون هذه منازلكم حتى تقوم الساعة.
وقال قتادة: تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشياً ما دامت الدنيا.
فالآية تتكلم عن قوم فرعون وما أعده الله لهم من العذاب يوم القيامة، وأنهم يشاهدون هذا العذاب قبل يوم القيامة بأرواحهم من باب التقريع لهم. فمعنى عرضهم على النار أن أرواحهم تشاهد المواضع التي أعدت لها في جهنم والعياذ بالله.

شفت انكم بتقولو في احدى الفعاليات انه مش شرط يكون العالم دقيق او متقن الصنعة عشان يكون محتاج لربنا ، ممكن توضيح

نعم، كثير من اللاهوتيين المسيحيين في الغرب في سياق استدلالهم على وجود الله، يحتجون بما يسمى الـ Fine tuning أو الضبط الدقيق للكون، وهو أن للكون صفاتا وقوانين مجهزة ومعدة مسبقا ليكون صالحا لحياة الإنسان وغيره من الكائنات، وبه بعض الثوابت التي لولاها ما كان يمكن أن ينشأ على الصورة التي هو عليها، وهذه الثوابت في منتهى الدقة والمعيارية.
الفكرة أن هذا الدليل -وهو دليل جيد وواضح- ليس هو الدليل الوحيد على وجود الحق سبحانه، بمعنى أننا لو افترضنا أن العالم ليس على هذه الهيئة التي وجدناه عليها، بل هو مكون مثلا من كوكب واحد يتركب من عنصرين فقط أو ثلاثة، ويوجد عليه كائنات وحيدة الخلية فقط، وليس كائنات معقدة كالإنسان فيمكننا أيضا الاستدلال على وجود الله وعلى قدرته وإرادته وعلمه. لأن السبب الذي جعلنا نحكم بافتقار العالم والموجودات كلها إلى الله هو كونها موجودة بعد عدم أي مخلوقة محدثة وممكنة.
فالإشكال يأتي من تصور بعض المؤمنين أن هناك نموذج مثالي وجد عليه الكون أو Pattern هو الذي دل على وجود الخالق، وأن تصور يخالف هذا النموذج سنعجز حينئذ معه على إثبات خالق حكيم عليم قادر على كل شيء.
فالكون كله إن كان عبارة عن صخرة صماء لا حياة فيها، فهي دليل واضح على وجود خالق قادر على كل شيء، لأن هذه الصخرة ممكنة الوجود وموجودة بعد العدم، ولا يلزم أن تكون هناك مستويات معقدة من الوجود الفيزيائي والكيميائي والبيولوجي حتى نقول هناك خالق، والله أعلم
لكن لا شك أن هذا التعقيد والمعايرة الدقيقة الموجودة في العالم من رحمة الله بنا؛ لأنها تلائم عقل الإنسان الباحث بفطرته عن عجائب الموجودات ودقيق الصنائع، والقرآن الكريم دعا الخلق إلى النظر في الآيات وفي الأنفس ليحصل اليقين بوجوده وبصفاته سبحانه وتعالى، فلله الحمد على باهر قدرته.

View more

إيه معنى الآية اللي بتقول أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وليه وصف القرآن الست أو البنت بالضلال هنا ؟

هذه الجملة وردت في آية الدين من سورة البقرة، في سياق الكلام على كتابة الدين والإشهاد عليه..
فالشرع قد استحب كتابة الدين والإشهاد عليه من أجل حفظ الحقوق، والاحتياط لأموال الناس، وقد أرشدت الآية أن الشهداء قد يكونون رجلين أو رجل وامرأتين.
ويكاد يكون هناك إجماع بين المفسرين على أن المقصود بالضلال في الآية هو النسيان والاشتباه، وليس الضلال هنا أمرا أخلاقيا. والدليل على هذا أن الحق سبحانه قال بعدها تعليلا: فتذكر إحداهما الأخرى، فالتذكير هو علة حصول النسيان من إحدى المرأتين.
والسبب في قلة الضبط وحصول الاشتباه عند النساء في الشهادة أمور إما ضعف في جبلة المرأة أو قلة خبرتها بهذه الأمور المالية وقت نزول الوحي.
قال الطاهر ابن عاشور في تفسيره: التحرير والتنوير (3/ 109)
وجيء في الآية بكان الناقصة مع التمكن من أن يقال فإن لم يكن رجلان لئلا يتوهم منه أن شهادة المرأتين لا تقبل إلا عند تعذر الرجلين كما توهمه قوم، وهو خلاف قول الجمهور لأن مقصود الشارع التوسعة على المتعاملين. وفيه مرمى آخر وهو تعويدهم بإدخال المرأة في شؤون الحياة إذ كانت في الجاهلية لا تشترك في هذه الشؤون، فجعل الله المرأتين مقام الرجل الواحد وعلل ذلك بقوله: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وهذه حيطة أخرى من تحريف الشهادة وهي خشية الاشتباه والنسيان لأن المرأة أضعف من الرجل بأصل الجبلة بحسب الغالب، والضلال هنا بمعنى النسيان.
والله أعلم

View more

Related users

يعني إيه الآية اللي بتقول تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي، وهل علميا ممكن شيء حي يطلع من شيء ميت؟

قال المفسرون في معنى خروج الميت من الحي وخروج الحي من الميت عدة أقوال، منها:
1-يخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة، ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحي.
2-أو يخرج الزرع الذي ينمو من البذرة الميتة، ثم يوجِد في هذا الزرع وما فيه من ثمار البذور الميتة.
3-أو يخرج الفرخ من البيضة الميتة، ويخرج البيضة من ذلك الطير.
4-أو يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن كما مع سيدنا نوح وابنه، لأن الكفر موت مجازا، قال سبحانه: أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس .
ولا يعترض على وصف النطفة أو البيضة أو البذرة بالموت بأن هذه الأشياء تحتوي على خلايا حية ، فإن هذا وصف اصطلاحي لعلماء الأحياء، أي هو عرف خاص بهم، لكن في العرف العام واللغة التي جاء التنزيل بها فهي كلها جمادات وأشياء ميتة لا حياة فيها بلاشك.
أما عن سؤالك هل ممكن شيء حي يطلع من شيء ميت، فهذا أمر مشاهد وواقع، إذا اعتبرت أن الحيوان المنوي الذي يخصب البويضة عرفا لا يعتبر كائن حي، ثم ينمو الجنين داخل رحم الأم، وكذلك البيضة التي تخرج منها الدجاجة أو الطائر عرفا لا تسمى البيضة كائنا حيا في العرف... وهكذا
والأمر الأوضح في جانب القدرة الإلهية أن الإنسان لا يستطيع -كما قال الله- أن يخلق ذبابة ، أي يوجدها من العدم ولا حتى عن طريق الاستعانة بالمواد الكيمائية فقط وحدها أن يخلق ذبابا من غير أن يحتاج إلى بيض الذباب الذي يتكاثر من خلاله. والله أعلم

View more

ليه ربنا خلق الشيطان وهو عارف إنه هيعصيه؟

ربما كانت حكمة خلق إبليس أن يعلم الخلق أن الله لا يضره الكفر والمعصية، ولا تنفعه طاعة العباد، وأنه مستغن عن الخلق جميعا، ولا يحتاج إلى عبادة الخلق له، فهو الغني المطلق وكماله ذاتي له من صفاته الأزلية، لا من خلقه وعباده، تعالى الله.
ولذا قال الله تعالى: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر.
وورد في الحديث القدسي: يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا.
وربما كان من حكم خلق إبليس أن يعلم المؤمن قدر النعمة التي امتن الله بها عليه لما هداه للإيمان، إذ أكثر الخلق لا يشعرون بقدر النعمة إلا عندما يرون ضدها في غيرهم أو في أنفسهم، ولهذا رأينا الله حكى عن أهل الجنة أنهم لما رأوا عذاب أهل النار قالوا: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } [الأعراف: 43].
وربما كان من حكمة خلق إبليس هو ظهور آثار قدرة الله على خلق الشيء وضده، فكما خلق سبحانه أشرف الذوات وأشرف المخلوقات وهو سيدنا محمد، وكذلك سيدنا جبريل فكذلك خلق أخبث الخلق وهو إبليس لعنه الله، فليس هناك عجز في القدرة الإلهية على إيجاد أي ممكن، وخلق أي ذات.
وربما كان من حكم خلق إبليس ظهور آثار أسماء الله الحسنى، فكيف كنا سنعلم اسم الله النافع الضار، واسم الله الهادي، واسمه التواب العفو، إذا لم يخلق إبليس ويوسوس للناس فمنهم من يطيعه ويعصي الله، ومنهم من جاهد نفسه، فهداه الله، أو وقع في المعصية ثم تاب الله عليه وقبله.
وإذا كان المعنى من هذا السؤال: هل ظلم الله إبليس لما خلقه وهو يعلم أنه سيعصيه ويكفر به؟ فالجواب لا، لأن الله أعطاه حرية الإرادة، وتمام الاختيار ليسجد لآدم عليه السلام أو ليتكبر على خالقه، فليس هناك جبر، وليس هناك ظلم، بل كل من عصى الله وكفر به فهو الذي ظلم نفسه إذ أعرض عن طريق الحق بعد بيان الهداية، أو استسلم لهوى نفسه ورذائلها ولم يجاهد فاستحق العقوبة، كما يقول الحق سبحانه: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ .
والله أعلم

View more

Liked by: هشام خالد

بفهم إجابة سؤال الحكمة من الألم والمعاناة من ألم شعب فلسطين وغزة إنها ابتلاء من ربنا عشان يرفع درجاتهم أو يكفر ذنوبهم وإن جزء من معاناتهم سببه ضعفنا وتخاذلنا عن الأخذ بالأسباب المادية والعسكرية، لكن إيه حكمة المعاناة دي بالنسبة للأطفال اللي ملهمش ذنب، بكل اللي بيشوفوه من قتل وقصف وجوع ومرض وتيتيم؟

خليني أجاوبك ببساطة وباللغة العامية المصرية
حكمة ربنا ممكن نعرفها أحيانا وأحيانا لا على حسب الوقت اللي بنبص فيه للأحداث وعلى حسب توفر كل تفاصيل الحدث أمامنا، فمثلا إيه هي الحكمة في إنه راجل كبير يبدو عليه الوقار والعقل يخرب سفينة ويعرض كل ركابها لخطر الغرق؟
وإيه الحكمة من لو الراجل الوقور المتزن ده قتل طفل صغير؟
لو الأحداث دي بتحصل قدامنا دلوقتي كنا جزمنا إن ملهاش حكمة، لكن لأنها اتحكت لينا في القرآن في قصة سيدنا موسى والخضر قدرنا نعرف الحكمة الكامنة في التفاصيل التي تبدو للوهلة الأولى شريرة جدا، وإن خرق المركب كان حماية له من السرقة، وقتل الغلام كان من الرحمة له ولوالديه، وقدرنا نعرف إن عقلنا قاصر عن إدراك الصورة الكاملة في القصة دي وفي غيرها، لأننا منعرفش الغيب، ومنعرفش كل التفاصيل، ومنعرفش الألم اللي بيتعرض له الأطفال هل هيكون مفيد ليهم ولغيرهم أو لا.
إيه حكمة ربنا إنه طفل صغير يتغدر به من أقرب الناس له، من إخواته الكبار، ويترمى في بير في الصحرا لوحده ويتحرم من باباه؟
إيه يعني اللي هيعود على الطفل قصاد الخوف والجوع والألم وفقد الثقة في أقرب الناس له والصدمة؟
ده بردو اللي مكانش ممكن نعرفه لو شايفين قصة سيدنا يوسف قدامنا في اللحظة دي، لكن بيمر الزمن وبيكون الغدر به وتركه في البئر هو الوسيلة لدخولة مصر وإنه يتربى في بيت عزيز مصر لحد مهو نفسه يبقى عزيز مصر، فسبحان المعز المذل!

وخليني أسألك سؤال للتفكير وممكن النقاش التالي لو أحببت، هل ممكن إنه نستثني الأطفال من معادلة الحرب؟
طبعا ده أمر داخل في القدرة الإلهية على سبيل المعجزة، لكن بالحسابات العادية، طالما في حرب ففي ضحايا ومن الضحايا للأسف الشديد الأطفال.
والأرض ربنا خلقها على قوانين مطردة فيها الانتصار والغلبة للأقوى سواء كان صاحب الحق أو معتدي ظالم، فالأطفال فعلا ملهمش ذنب، الذنب والمسؤولية على البالغين القادرين المكلفين باتخاذ أسباب النصرة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية لكنهم تقاعسوا.
وأخيرا فاختبار الحياة نفسه هيكون بلا معنى إذا مكانش في قوانين طبيعية يسير عليها العالم، لأن وجود السبب الذي يؤدي للنتيجة هو ما يجعلنا نتطور باستمرار، وهو اللي بيخلي الحياة منطقية وممكنة، فلو كل طفل جعان ظهر قدامه طعام فجأة، وكل طفل متألم فجأة اتحسنت حالته من غير سبب واضح مش هيبقى في حد بيحاول يعمل حاجة، ولا حد بيشتغل علشان يرفع الظلم عن نفسه أو عن أولاده، فالعالم هيبوظ من حيث أردنا له إنه يكون أفضل.
سنة ربنا في الأرض إنه تكون هناك أحداث تدعونا إلى مناشدته والدعاء إليه بثقة، القوانين اللي ربنا خلقها لجعل الحياة ممكنة ومستقرة وممتعة هي القوانين نفسها اللي بتخلي الحياة مؤلمة في أوقات أخرى.
فمثلا ذوبان الأنهار الجليدية يؤدي إلى ري الأرض وإرواء عطش الناس والحيوانات ، ولكن ممكن يؤدي أيضا لفيضانات مدمرة، وهكذا.
والحل في إننا ندرك حجم حياتنا في الدنيا، وإنها محطة عابرة قياسا بالحياة الآخرة، وإن ربنا بيلطف بعبيده حتى في الابتلاء، ورحمة ولطف ربنا تشمل إخواننا في فلسطين وأطفالهم وكل المكلومين والمظلومين في العالم.
{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64] .

View more

لو أقول لأحد أصدقائي أنني مثلي الجنس هل أكون من المهددين في الحديث بكشف ستر الله؟

إذا ابتلي إنسان بالميل تجاه نفس نوعه، ولم يترتب على هذا الميل أي فعل محرم من الأفعال التي تثير الشهوة الجنسية أو تلبي احتياجاتها كنحو التلذذ بالنظر أواللمس أو القبلة أو العناق أو العلاقة الجنسية فإنه غير مؤاخذ وغير آثم شرعا، مادام يجاهد نفسه كي لا يقع في هذه المحرمات، تماما مثل الميل القلبي بين رجل وأنثى أجنبيين، فإن الشرع لا يؤاخذ الرجل أو المرأة إذا مال قلبه وأحب أحدهما الآخر، مادام لم يعقب هذا الحب أحد الأفعال التي حرمها الشرع. والحكمة في هذا أن الشرع لا يكلف البشر ما لا يطيقون، والإنسان قد لا يطيق أن يدفع عن نفسه أو عن قلبه ميلا وُلد به، أو حصل له بدون قصد.
وبالتالي فإخبارك لأحد أصدقائك بأنك مثلي الجنس أو لا تميل لنفس نوعك لا يحرم بل قد يكون مطلوبا إذا كان الهدف من حديثك له طلب الاستشارة أو المساعدة لعدم الاستسلام لما يمكن أن يؤدي إليه هذا الميل من الوقوع في الحرام.

يعني إيه أفعال الله ملهاش غرض وملهاش غاية؟ هو كده ممكن إزاي ربنا يكون حكيم

هذا سؤال جميل ، والإجابة عليه تنبني على أمرين : أن ربنا لا يشبه الخلق. وعلى بيان معنى الحكمة.
ما معنى الغرض؟ الغرض هو السبب الدافع لفاعل الفعل من الإقدام على هذا الفعل، وهذا السبب هو تحصيل المنفعة والمصلحة ، أو دفع المفسدة، فالدوافع التي لأجلها يقوم أي فاعل في الشاهد من فعله هي اكتساب السعادة والكمال والملذات والشهوات، أو منع الضرر والمفاسد عن نفسه، يشتري ثوبا مثلا ليمنع عن نفسه البرد أو يكتسب به مظهرا حسنا أمام الناس، أو مثلا يتعلم ويحصل على شهادة لكي يحصل على العمل وأجر ونقود أو ليدفع عن نفسه عار المجتمع الذي يصف به الجهلاء، وهكذا.
كل فعل في عرف البشر لكي يكون حكيما لابد أن يترتب عليه فائدة تعود على صاحبه أو على غيره من الناس، كالأب مثلا أو الأم يمكن أن يضر نفسه بفعل معين لكنه يعود بالفعل على أولاده أو أحفاده، ولا شك أننا نتوهم في أول الأمر أنه لا يفيد نفسه، ولكنه يستفيد أمرا معنويا وهو السعادة، أو يدفع عن نفسه الألم والحزن الذي سيحصل له لو استمر أحبابه وأولاده في الألم فيقدم رغباتهم على المنافع المادية العائدة المباشرة إليه طمعا في حصول فائدة معنوية تعود إليه وهو حصول السعادة له بسعادتهم.
حينما نظر العلماء المسلمون لهذا المعنى اختلفوا فبعضهم أثبت أن أفعال الله لها سبب يجعله يقدم عليه ولكن هذا السبب عائد للمخلوق وليس لله سبحانه، وهم المعتزلة. فقالوا إن أفعال الله سببها أنه يريد الصلاح واللطف لعباده، ولاشك في أفعاله صلاح يرجع لهم سواء عرفنا أو لم نعرفه في الدنيا.
وأما جمهور أهل السنة، قالوا إن أفعال الله ليس لها سبب أو علة تجعله يقوم بها إلا مجرد إرادته؛ لأنه سبحانه له الغنى المطلق، والكمال المطلق، فهو لا يكتسب الكمال من أفعاله البشر، بل كمالاته كلها ذاته متصف بها أزلا وأبدا، بينما أفعاله ليست أزلية كأزلية ذاته وصفاته، ولا يتصور أن يرجع من فعل من أفعال الله بالكمال عليه كما يحدث مع البشر لأن هذا معناه أنه لم يكن كاملا قبل أن يقوم بهذا الفعل، بل فعله مترتب فقط على إرادته واختياره، واختيار الله اختيار مطلق ليس مقيدا ولا متقيدا بباعث أو دافع، وإلا لكانت إرادته غير تامة كإرادة المخلوق، وإرادته أيضا سبحانه ليس هناك سبب من خارجها يجعلها ترجع فعلا على فعل كالدوافع النفسية الموجودة عند الإنسان التي تجعله يختار فعلا معينا ولا يختار فعلا آخر.
ولم يوافق جمهور أهل السنة أيضا على قول المعتزلة بأن سبب أفعال الله سبحانه هو المصلحة التي ترجع للبشر؛ لأنهم قالوا إن تحصيل مصلحة العباد وعدم تحصيل مصلحته أمران متساويان بالنسبة إلى جانب إرادة الله، لأن الله لا يجب عليه شيء وليس لأحد عليه حق لأنه لا يسئل عما يفعل، وبالتالي فكل أفعال الله ليس لها غرض ولا علة باعثة تجعله يفعل هذه الأفعال.
هنا يأتي السؤال أليس هذا منافيا للحكمة؟ فهنا نقول : ينبغي أن ندرك الفرق بين معاني هذه الألفاظ، وهي:
الغرض: هو الفائدة المقصودة العائدة إلى الفاعل التي لا يمكن تحصيلها إلا بذلك الفعل.
والغاية: هي التي تكون بعد الشروع في الفعل.
وقال بعضهم: الفعل إذا ترتب عليه أمر ترتبأ ذاتيا يسمى غاية له من حيث إنه طرف الفعل، ونهاية وفائدة من حيث ترتبه عليه، فيختلفان اعتبارا، ويعمان الأفعال الاختيارية وغيرها، فإن كان له مدخل في إقدام الفاعل على الفعل يسمى غرضا بالقياس إليه، وعلة غائية، ويسمى حكمة، ومصلحة بالقياس إلى الغير.
فبالتالي ليس هناك تلازم من نفي الغرض والباعث في فعله وبين نفي الحكمة، بل سبحانه حكيم كما دلت عليه قواطع النصوص، سبحانه وتعالى عن العبث.

View more

قريت في القرآن في سورة محمد آية 19 ربنا بيقول لسيدنا محمد واستغفر لذنبك، مع إن فيه آيات تاني بحسب فهمي بتقول إن الانبياء معصومين من الخطأ؟!

شكرا على السؤال المهم
جمهور علماء المسلمين من أهل السنة على كون الأنبياء معصومين كما ذكرت، ومعنى العصمة من الذنوب أي عدم ارتكاب الكبائر أو الصغائر من المعاصي؛ لأنهم قدوة لأمتهم، فالله يقول: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، فالأمر الإلهي بالاقتداء بهم دليل على أنهم معصومون من كل ذنب؛ لأنه لو صدر منهم ذنب لكان الناس مأمورين بالذنب كذلك، وهو محال لأن الله لا يأمر بمعصية.
فلذلك للعلماء تفسيرات للآيات التي يوهم ظاهرها وقوع المعاصي من الأنبياء وهي واضحة لمن أدرك اللغة العربية وعرف سياقات نزول هذه الآيات، وحملها على غيرها من الآيات المحكمة التي تدل دلالة قاطعة على استحالة الذنوب على الأنبياء.
ولذلك معنى واستغفر لذنبك الواردة في سورتي غافر ومحمد، وكذلك معنى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك الواردة في أول سورة الفتح تحمل على:
1-أن الأمر للتعبد، أي أن الحق سبحانه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار ليكون قدوة لأمته من بعده في استغفارهم لله، فيزيد بذلك قدره عند الله وثوابه.
2-أو يكون معنى واستغفر لذنبك كما يقول الإمام القرطبي استغفر الله ليعصمك من الذنب، وفائدة الاستغفار هنا الشعور بالمنة للحق سبحانه إنه عصمه من الذنوب.
3-وقيل إن معنى الآية: اثبت على ما أنت عليه من التوحيد والإخلاص والحذر عما تحتاج معه إلى استغفار؛ لأن ربنا بيقول في أول الآية فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك.
4-التوجيه الرابع وهذا قاله عدد من المفسرين: إن الذنب المضاف لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم المقصود بيه ذنوب أمته مش ذنبه هو، لأن أحيانا في اللغة المصدر يضاف للفاعل وأحيانا يضاف للمفعول، فربنا مثلا لما يقول: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح، فالظلم هنا أضيف للفاعل، وفي آية أخرى يقول الله: ولمن انتصر بعد ظلمه، يعني بعد ما ظُلم، فالمصدر هنا أضيف للمفعول. فيكون معنى واستغفر لذنبك يعني استغفر ذنوب أمتك.
5- التوجيه الخامس وهذا جاءت به السنة، والسنة شارحة للقرآن سيدنا النبي صلى الله علليه وسلم يقول في الحديث في صحيح مسلم: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة.
فالاستغفار هنا مترتب على قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ليغان على قلبي، ومعنى يغان أي يغطي أو يغشى، فالغين والغيم بمعنى واحد... فما هو الذي كان يغطي قلب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر الله منه؟
قال العلماء في شرح صحيح مسلم: 1-الأوقاف واللحظات التي كان فيها رسول الله لا يذكر الله بلسانه لانشغاله بهموم أمته، كما يقول القاضي عياض.
2- أو يكون سبب الغين: السكينة التي كانت تغشى فؤاده صلى الله عليه وسلم، كما يقول ربنا فأنزل الله سكينته على رسوله، ويكون سبب الاستغفار هنا من باب الشكر لله سبحانه.
3-أو يكون الغين هنا سببه شدة تعلق قلب النبي بالحق سبحانه فيكون الغين هو أنوار الإيمان، ويكون الاستغفار هنا خوفا من استمرار هذا النور فيمنعه من التواصل مع الناس وهدايتهم وما كلفه به بربه من دعوتهم وجدالهم بالتي هي أحسن، فالاستغفار هنا من النبي حتى يمده الله بعطاء من عنده يستطيع معه أن يعالج أحوال أمته بعد ما يكون النبي في خلوة مع الله في الصلاة أو غيرها من أحواله الشريفة، وهذا معنى قول الإمام الشاذلي : غين أنوار لا غين أغيار.

View more

+ 1 💬 message

read all

من الأسئلة اللي بتحيرني هل ممكن ربنا يغفر لواحد سرق وقتل ونهب وظلم عشان بس كان مؤمن، وفي نفس الوقت ميغفرش لواحد تاني عمل حجات كتير كويسة ومأذاش حد وساعد ناس كتير بس مات بدون دين ؟

ِهذا السؤال مهم جدا في الحقيقة، وهو كاشف عن طريقة تفكير عدد كبير من الناس في هذا العصر.
السؤال عن معايير النجاة في الآخرة والفوز بالجنة والنجاة من النار، هو سؤال متعلق بالإيمان باليوم الآخر، واليوم الآخر من السمعيات التي نتلقى عقائدنا المتعلقة بها من الوحي، فإن البعث والحساب في حد ذاته أمر ممكن عقلا، لكن لما نطقت جميع الرسالات والكتب السماوية بأن الله رتب على جميع النبوات والرسالات يوم البعث والجزاء آمنا به وصدقناه من طريق الشرع، فهو حق لا ريب فيه لأن الله لا يخلف الميعاد وكلامه صدق.
والحق سبحانه أخبرنا على لسان أنبيائه ورسله أن معيار دخول الجنة والنجاة في الآخرة من العذاب هو الاستجابة لرسله والإيمان بما جاءوا به، وكل الرسل دعوا الناس إلى الإيمان والعمل الصالح، وهو معيار النجاة، كما أن مفهوم العمل الصالح يحدده أيضا الشرع، فإن الله مثلا أحل البيع وحرم الربا، والله أحل الزواج وحرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ولو كانت مبنية على التراضي والحب، والله أباح ذبح بعض الحيوانات وأكل لحومها، وحرم بعضا آخر، فالحلال والحرام والحسن والقبيح الذي يترتب عليه ثواب الله في الآخره، مرده إلى الخطاب الشرعي والوحي الذي جاءت به الأنبياء.
ويتضح من سؤالك أخي الكريم أنك تميل لأن تجعل الإنسان ونفعه هو مركز هذا الكون، حتى لو كان منقطعا عن ربه وخالقه، لأنه يبدو من السؤال أنك تستحسن كل ما يفيد الإنسان ويسعده ويسبب له الراحة والأمان والسعادة، وهذا لا شك شيء حسن، لكنك ترى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته عملا أقل ثوابا ونفعا للناس في الآخرة مما يعود على الإنسان بالنفع المادي الدنيوي، وهذا هو الذي سميته منذ قليل بتأليه الإنسان لنفسه وجعله هو مركز الكون، لكن الحقيقة أن الحق سبحانه وأوامره هي المركز الذي يدور حوله المؤمن، وما أصبح الإنسان كريما بين الخلق إلا لأن الله كرمه ونفخ فيه من روحه، وحرم دمه وماله، وجعل دمه وروحه أغلى عنده من الكعبة وسائر الجمادات والحيوانات.
فلذلك أعود إلى السؤال وأقول: إن الإنسان الذي كفر بالله قد أعرض عن الغاية التي خلقه الله لأجلها، وتكبر على خالقه، وصار يدور في فلك نفسه وعبادتها بديلا عن عبادة ربه وخالقه، ولذلك يقول الحق سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39] ويقول أيضا: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } [الفرقان: 23].
هذه فلسفة النجاة والفوز بالجنة في الإسلام، أن العمل الصالح شرط ثوابه أن يسبقه إيمان بالله ورسله، وإلا فلا قيمة له، لأنه نقل لمركزية الحق سبحانه في تصور المسلم إلى مركزية الإنسان وتأليهه، فهو نوع من الشرك والجحود، أن يعرض الإنسان عن عبادة ربه إلى عبادة ربه، وأن ينسى الإنسان الآخرة ويجعل الدنيا فقط وملذته وراحته فيها قبلته ومقصده وغايته، وهو نقيض من خلق الله الإنسان لأجله.
فإذا جمع الإنسان بين الإيمان والعمل الصالح ومساعدة الخلق لأنهم في نظره عيال الله وخلقه ونفخته الأولى التي كرمها فقد جمع بين الحسنيين، وإن قصر في العمل وظلم وتجبر وأذى الناس فإن الله لا يعفو عن ذنوب العباد في حق العباد، ولكن يعفو عن الذنوب التي ترتكب في حقه هو، لأنه العفو الغفور، ولا يتساوى المؤمن الصالح، بالظالم الفاجر، قال سبحانه: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، أم نجعل المتقين كالفجار؟
والله أعلم

View more

في القرآن آية بتقول وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا؟ القاسطون هنا بمعنى العادلون ولا بمعنى إيه ؟

القاسطون في الآية هنا بمعنى الظالمون أو الجائرون، جاء في المعجم الوسيط: القاسطون اسم فاعل من قسط أي جار وعدل عن الحق فهو قاسط وهم قاسطون. إذن قاسطون هنا بمعنى ظالمون، وهو يشمل الظلم بمعناه العام الذي يدخل فيه الكفر والشرك، فإن الشرك كما وصفه الله ظلم عظيم.
وأما كلمة المقسطون فهي اسم فاعل من أقسط، وهي التي بمعنى عدل. أي عدل في حكمه فبين الكلمتين القاسطون والمقسطون تضاد، الأولى بمعنى الظالمين والثانية بمعنى العادلين.

ممكن ترشيح لكتاب سهل في تفسير القرآن نرجع ليه لفهم بعض الآيات

ممكن كتاب المنتخب في تفسير القرآن الصادر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر، أو كتاب صفوة التفاسير للصابوني.

ايه معنى الآية اللي بتقول ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها؟ هل الخلود في النار ممكن يكون لواحد مش مشرك، وايه تاني بتقول لا يغفر أن يشرك به،؟ ويغفر ما دون ذلك

نعم الآية الثانية الخاصة بالمغفرة عامة، وهي في كل ذنب أذنبه المؤمن كبيرا أو صغيرا ما عدا الشرك.
أما الآية الأولى الخاصة بالقتل، فهي محمولة على من استحل قتل النفس التي حرم الله، وقد جاءت لتشديد النهي والوعيد الشديد في قتل النفس المعصومة بغير حق، ويؤكد ذلك سبب نزولها وهو أن مقيس بن صبابة الكناني قد أسلم هو وأخوه هشام ، ثم قتل أخوه هشام في بني النجار، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بقتل أخيه، فأرسل النبي إلى بني النجار يخبرهم إن علمتم قاتل هشام فادفعوه إلى مقيس للقصاص أو يدفعوا إليه الدية إن كان القاتل مجهولا. وقد النبي قد أرسل مع مقيس رجلا من بني فهر ليصحبه إلى بني النجار
فقالوا إنهم لا يعلمون القاتل ودفعوا الدية مائة من الإبل إلى مقيس.
فجاءه الشيطان يوسوس إلى مقيس أنك إن قبلت الدية تكون عليك مسبة، ووسوس إليه أن يقتل الرجل الفهري الذي معه فتكون نفسا بنفس.
فغفله مقيس في طريق العودة وقتله بصخرة، فلما رجع نزلت الآية ومن يقتل مؤمنا متعمدا، فجزاؤه جهنم خالدا فيها .... الآية وهي تدل على استحلاله للقتل، لا مجرد الإتيان له مع الإقرار بكونه من أكبر الذنوب.
وقد يحمل معنى الخلود في الآية هنا على معنى المكث الطويل ويكون معنى الخلود في حق الكفار في القرآن عدم الانقطاع بلا نهاية، ومعناه في حق المؤمن المكث الطويل لكن مع انقطاعه وخروج المؤمن منها للآيات الكثيرة القاطعة بأن المؤمن لا يبقى في العذاب أبد الآبدين، ويكون معنى الآية في حق من فعل هذه الجريمة ولم يتب.
قال الإمام القرطبي:
الجمع بين آية (الفرقان) وهذه الآية ممكن فلا نسخ ولا تعارض، وذلك أن يحمل مطلق آية (النساء) على مقيد آية (الفرقان) فيكون معناه فجزاؤه كذا إلا من تاب، لا سيما وقد اتحد الموجب وهو القتل والموجب وهو التواعد بالعقاب. تفسير القرطبي (5/ 334)

View more

هل هناك تفسير يهتم بقضايا العقيدة ، مثل أدلة وجود الله ويشرح بعض الإيرادات التي يذكرها المشككون

تفسير الإمام الرازي مشهور بذلك، وهو يعتني بتقرير دلائل النبوة وقضايا التوحيد ومناقشة المذاهب الكلامية والفلسفية، ورد الاعتراضات المتعلقة بإعجاز القرآن، فهو يصنف على أنه من التفاسير الكلامية ، بجانب إنه احتوى فنونا أخرى متعددة وفوائد مختلفة متعلقة باللغة والبيان والبلاغة، والتصوف، ومناقشة من سبقوه من المفسرين في بعض المواضع وغيرها.
ومن تفاسير المعاصرين تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي، فهو أيضا يهتم بإيراد النكت اللطيفة المتعلقة بوجوه إعجاز القرآن ووجود الخالق، وحكمته والإشارة إلى الرد على المستشرقين فيما أثاروه من شبهات، فهو تفسير مفيد جدا لأي مسلم معاصر.

في اية في القرآن بتقول والأرض مددناها وآية تاني بتقول والأرض بعد ذلك دحاها ... مش كده الآيات دي بتقول إن الأرض مش كروية؟

الفعل مددناها الوارد في الآية وكذلك الفعل دحا لا يدلان على نفي كروية الأرض.
فمعنى الفعل مدّ في اللغة أي بسطه وطوله، فإذا قلت مثلا: مدّ فلان الحبل يعني بسط الحبل وطوله أيا ما كان شكل الجسم الذي سيمد الحبل عليه، وتقول أيضا مد الإنسان رجله أي بسطها وفردها في أي اتجاه بعد أن كانت مضمومة وقد يأتي مجازا أيضا بمعنى أطال الشيء، فنقول مد الله في عمرك أي أطال عمرك.
فمعنى والأرض مددناها أي بسطناها للإنسان وجعلناها عظيمة الطول ليحيا عليها، ولا يناقض ذلك كونها مكورة أو مربعة أو غير ذلك من الأشكال الهندسية، لأن الجسم إذا كان عظيم الاتساع والطول فهو ممدود مبسوط أيا ما كانت حقيقته الهندسية.
يقول الإمام الرازي في تفسيره: (19/ 131)
فإن قيل: هل يدل قوله: والأرض مددناها على أنها بسيطة؟
قلنا: نعم لأن الأرض بتقدير كونها كرة، فهي كرة في غاية العظمة، والكرة العظيمة يكون كل قطعة صغيرة منها، إذا نظر إليها فإنها ترى كالسطح المستوي.
وفي سورة الرعد أيضا أن الحق سبحانه قال: وهو الذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي. وقد نقل الرازي في تفسيره عن أبي بكر الأصم أن معنى المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه. (19/5). فالآية تشعر بأنه تعالى جعل حجم الأرض حجما عظيما لا يقع البصر على منتهاها، أيا ما كان موقع الإنسان الذي يحيا عليها، وهذا فيه أيضا إشارة إلى أنها كروية لأنها لو كانت مسطحة لكان للواقف عليها الناظر إلى مد بصره حدا ينتهي إليه البصر،
وهذا المعنى أشار إليه أيضا من المعاصرين الشيخ الشعراوي فهو يقول في تفسير الآية: ومعنى مددناها انك أينما ذهبت فوق سطح الكرة الأرضية.. تراها ممدودة امامك.. أي منبسطة أمامك.. فإذا ذهبت إلى القطب الشمالي رأيت الأرض منبسطة.. وإذا أسرعت إلى القطب الجنوبي رأيت الأرض منبسطة.. وإذا ذهبت إلى خط الاستواء وجدت الأرض أمامك منبسطة.. في أي مكان نذهب إليه نرى الأرض منبسطة.. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت الأرض كروية» اهـ..
فلا تعارض بين وصف الأرض في القرآن بأنها ممدودة ومبسوطة وبين كونها كرة، لأن الجمع بين الوصفين يتحقق بطولها وعظمتها واتساعها بالنسبة للإنسان.
وكذلك الفعل دحا في اللغة معناه بسط الشيء ووسعه، ومعنى دحاها أي بسطها وهيأها للسكن ومهدها الحياة، ويدل على قوله بعدها أخرج منها ماءها ومرعاها، فتمهيد الأرض للسكن والحياة يكون ببسطها ووجود ما لابد منه للإنسان وهو الماء والمرعى، والمرعى ما يأكل الناس والأنعام.
وقد ورد في القرآن ما يدل على كروية الأرض، وذلك قوله سبحانه في سورة الزمر يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل، ولا يكون ذلك إلا بكون الأرض كرة، والله أعلم.

View more

هل يمكن أن تذكروا لنا بعض الفوايد من وجود الشرور والآلام في العالم؟

الشر من حيث هو شر عبارة عن الألم والنقص والحزن، وكل هذه المعاني للشر تقع تحت ما نسميه: «عدم ملائمة الشيء للطبع»، فكل ما لا يلائم طبع الإنسان ويسبب له ألما أو حزنا أو نقصا عن مراتب الكمال والسعادة يكون بالنسبة له شرا، وهذه الآلام قد تكون عاجلة أي في الحال، أو آجلة أي في المستقبل، ويكون في مقابلها السعادة والراحة واللذة بأنواعها المختلفة سواء كانت حسية أو عقلية أو روحية، وهو الذي نسميه الخير.
ويتضح مما سبق أن الشر والخير تختلف أسبابهما من شخص لآخر، وقد يكون الشيء الواحد سببا في سعادة إنسان وفي تعاسة آخر مثل العزلة مثلا أو الانطوائية قد تسبب ضررا وألما في حق إنسان وراحة لإنسان غيره، وقد يكون في المصيبة مثل موت الظالم الذي يستراح منه ألما لأحبائه وأولاده وراحة للمظلومين، أو المرض وما فيه من آلام عظيمة قد يكون هذا المرض خيرا لآخر مثل الطبيب الذي يعالج المريض، فيكون فيه معاشه ودخله، وتفوقه ونبوغه وشهرته، فقد يكتشف العلاج قبل أن يصاب به آخرون فيكون طريقا لدفع الألم عنه قبل وقوعه.
وأيضا قد يكون في الشيء الواحد ضررا وألما وشرا عاجلا للإنسان ومنفعة وسعادة كبيرة له في المستقبل، مثل تعب السهر والجد ومقاساة الشدائد من أجل طلب العلم والترقي للحصول على الشهادات العلمية الذي يترتب عليه الرفعة والغنى والفهم والسعادة والخير في المستقبل.
بل قد يحتوي الشيء الواحد على الألم واللذة في نفس الوقت ويختلط بعضها ببعض، ويكونان موجودين بقدر متساوٍ أو متفاوت، مثل آلام الحمل للأم التي تسعد بشعور عاطفة الأمومة، واللذة الجنسية يختلط فيها السعادة بقدر ضئيل من الألم، ولذة لاعب كمال الأجسام التي يلاقيها من إفراز الدوبامين في جسمه نتيجة ممارسة الرياضة رغم الألم الذي يسببه رفع الأوزان الثقيلة في نفس الوقت، ويقل الألم شيئا فشيئا كلما تعلق اللاعب بالهدف والمآل الذي يتوقعه من ممارسته لهذه الرياضة سواء كانت مادية أو معنوية، وفي بعض الآلام يطغى حب الهدف والنتيجة على الإنسان ويتملك عليه شعوره حتى ينسيه أي ألم أو ضرر موجود في الحال.
بعد هذه المقدمة يمكننا أن ندرك الفوايد والحكم الموجودة من الآلام والشرور في العالم، فبعضها يدركه كل إنسان، ويتساوى في الوصول إليه جميع الناس وهي الآلام والمصاعب والأحزان التي لابد أن يقاسيها الإنسان فيما جرت العادة باستحالة الوصول للسعادة إلا بدونها، مثل الأمثلة التي ذكرناها، كتعب الطالب في المذاكرة، وألم اللاعب في ممارسة الرياضة، ومقاساة كثير من الناس في اقتصاد المال من أجل الاستثمار، فلا وجود للذة خالصة أو سعادة بدون ألم في الدنيا، والإنسان يوازن بين الشر والألم وبين السعادة والخير أيهما أكثر ليتجنب الشر ويظفر بالسعادة، وهذا النوع يكون حصول الألم عند الإنسان اختياريا لينال بنفسه السعادة التي يرجوها ويتوقعها من جراء بذل هذا الجهد ووصول الألم إليه.
ومن ضمن ذلك التعب الذي يلاقيه الإنسان المؤمن من امتناعه عن المحرمات واجتنابه للمعاصي والتزامه بالطاعة والعبادات، فإنه لا يزكي نفسه ويدربها على الوصول رتبة الكمال والوصول لرضا الله ودخول الجنة والنجاة من النار إلا بالمواظبة والالتزام بالأومر الإلهية ليتحرر من أسر الشهوات.
وثمة نوع آخر وهو سعادة المؤمن إذا وقع عليه ابتلاء أو مصيبة لا اختيار له في دفعها ومنعها، وليس له حيلة حينئذ إلا في الصبر عليها والرضا بها، فهو يعلم أن هذا الابتلاء فيه تكفير لسيئاته أو زيادة في درجاته عند الله، وهو يعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. فمن رأى الله هو فاعل كل شيء قل في عينه الألم

View more

إزاي ربنا قرر يخلق الكون؟ وأنتو بتقولوا إنه موجود خارج الزمن؟ على الأقل كونه يقرر خلق وإنشاء الكون محتاج إلى لوقت عشان يعمل الفعل؟

يمكن سبب السؤال أو الإشكال الموجود في السؤال هنا هو قياس الخالق على المخلوق وتصور إن صفات ربنا شبيهة بصفات الإنسان، فالحق سبحانه مش كائن مادّي ولا يوصف الحركة، وعشان كده وجوده مجرد عن الزمان والمكان، نفس الكلام في شروط الفعل، مش شرط من شروط الفاعل إنه يكون متحرك أو يحدث في ذاته شيء، دي كلها شروط للفعل في الإنسان أو المخلوق، لكن الشرط العقلي الوحيد للفاعل هو إنه يكون موصوف بصفة القدرة. فلذلك يمكن أن يريد الله إيجاد العالم ثم يخلقه بدون أن يكون جسما، وبدون أن يتحرك أو يحدث في ذاته شيء وبالتالي مش محتاج للزمن في فعله.
صعوبة تصور أن يكون الله موجودا خارج الزمن وأن يكون فاعلا خالقا وفي نفس الوقت غير زماني سببه أن العقل البشري لا يتخيل أو لا يتوهم ذاتا تفعل إلا ولابد أن تكون هذه الذات مادية ويتحرك جزء منها أو كلها حتى يصح منها الفعل.
وهذا التصور أو الحكم مبني على الوهم والخيال وليس على العقل، لأن شرط الفعل هو اتصاف الفاعل بالقدرة وليس بالضرورة كونه متحركا أو ماديا، فلذلك يمكن أن يريد الله إيجاد العالم ثم يخلقه بدون أن يكون جسما، وبدون أن يتحرك أو يحدث في ذاته شيء ومن ثم لا يحتاج للزمن في فعله.
نفس الكلام في وجود إرادة أو قرار مسبق عند الفاعل في الإقدام على فعل معين مخصوص، لا يشترط أن يحدث شيء في ذات الفاعل أو يتحرك أو يكون عنده دافع نفسي وباعث سيكولوجي حتى يكون مريدا للخلق والإيجاد، لكن سبب كل هذه الإشكالات هو قياس الخالق على المخلوق، أو قياس الغائب على الشاهد، الخالق سبحانه مستحيل يكون مادي أو جسماني أو موصوف بالحركة؛ لأن الصفات دي هي اللي عرفتنا كون العالم له بداية واستحالة كونه أزلي.

View more

Liked by: izttin

إذا كان الله أزليًا ، وبالتالي لم تكن له بداية، ففي أي نقطة قرر إنشاء الكون؟

الذي يظهر من السؤال أن السائل بنى السؤال على افتراض قدم الزمان، فهو يعتقد أن وجود الله وجود زماني، وأن هناك أزمنة لا نهائية كانت حاصلة قبل خلق العالم، وهذا السؤال شبيه بسؤال آخر يطرحه بعض الناس وهو: «إذا كانت هناك أزمنة لا نهاية لها قبل خلق العالم، فماذا كان يفعل الإله قبل خلق العالم في هذه الأزمنة؟». وهذا السؤال مبني على تصور قدم الزمان، لكن هذا السؤالَ هنا غيُر واردٍ على أهل الأديان الذين يعتقدون بحدوث الزمان وأنه أمر اعتباري مُنتَزَع من ملاحظة التغير والحركة بعد إيجاد العالم، فقول القائل "إن الله ظلّ أزمنةً لا نهائية لا يفعل شيئًا ثم فعل" لا معنى له، لأنه قبل خلق العالم لم يكن هناك ثَمَّ زمان أو مكان، فالسؤال الصحيح: هل لله أن يخلق من عدم أم لا؟ والجواب الذي دلّ عليه العقل والعلم أنه الله قد أوجد العالم لا من شيء، ولا في زمان، بل بإيجاد العالم وُجِد الزمان.
وقد سبق هؤلاء الفيلسوف الشهير إيمانويل كانت إلى طرح هذا الإشكال في كتابه نقد العقل الخالص، ومعلوم للباحثين أن كثيرا من فلسفة كانط كانت مبنية على آراء نيوتن القائلة بلا محدودية الزمان والمكان؛ فالزمان والمكان مستقلان تماما عن المادة والحركة، وهذا من الفروق الأساسية بين الفيزياء الكلاسيكية التي أرسى دعائمها نيوتن وبين الفيزياء الحديثة التي قضت على أغلب تصوراتنا القديمة عن الكون والزمان والمكان، والتي شُيِّدَت مبانيها على يد مؤسس النظرية النسبية ألبرت آينشتاين.
ناقش كانط في كتابه (نقد العقل المحض) فكرة حدوث العالم، واعتقد أن هذا الأمر من مناقضات العقل المجرد ((Antinomies والتي اشتهرت باسم مناقضات كانط، فقد كان يعتقد بوجود حجج مساوية في القوة والإقناع لعدد من الأطروحات، ومنها الأطروحة القائلة بأن للكون بداية، وبنقيضها القائلة بأنه ليس له بداية، واحتج بأنه إذا لم تكن للكون بداية فسوف يكون هناك مرحلة لا نهائية من الزمن قبل أي حدث من الأحداث، مما يترتب عليه توقف الواقع على انقضاء ما لا نهاية له، واعتبر كانط هذا غير معقول، أما حجَّته بشأن نقيض هذه القضية وهي كون الكون أزليًا: أنه إذا كان للكون بداية فسوف تكون هناك أزمان لا نهائية في جانب الماضي مستمرة إلى يومنا هذا، فلماذا لم يبدأ الكون في أي زمن مضى من هذه الأزمنة؟. وهذا يدُلُّ أن كانط كان معتقدا باستمرار وجود الزمان في الوراء بلا انقطاع.
وختاما فالحق سبحانه أوجد الكون لا من مادة سابقة، وبوجود الكون وُجد الزمان والمكان، وقبل خلق العالم لم يكن هناك زمان.

View more

إذا كان الله أزليا  وبالتالي لم تكن له بداية ففي أي نقطة قرر إنشاء الكون
Liked by: izttin

لماذا لا تكون معجزات الأنبياء السابقين من باب السحر أو الكهانة؟

والمعجزة هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع دعوى النبوة، ولا يدخل في معنى خرق الطبيعة السحر، أو الحيل، لأن السحر علم الناس تتعلمه، وليس في السحر توقف أو خرق لقوانين الطبيعة لأنه مجرد حيل لخداع الحواس، فلذلك السحر لا يستمر بمرور الزمن، لكن ينتهي في لحظات سريعة، فأي علم أو صناعة يمكن أن تكتسب بالتعلم لا تدخل في معنى خرق العادة أو المعجزة، ولذلك سحرة فرعون كانوا أول الناس إيمانا بسيدنا موسى، لأنهم فهموا بالاستدلال وبتخصصهم في السحر، أن ما أظهره نبي الله موسى خارج عن قوانين الأسباب والعادة ولا يُتوصل إليه بالتعلم.
أيضا جرت عادة الخالق إنه لا يؤيد الكذاب، ولا يؤيد الساحر، لكن ما يحدث هو العكس، أن الله يفضحه أو يهلكه، فمن صفات الأنبياء إنهم مستجابو الدعوة، والسحرة ليسوا كذلك، وفي هذا المعنى يقول الله: {قل إنّ الّذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}.
ومثالا على ذلك كان في القرن الماضي ساحر إنجليزي مشهور وواحد من أشهر السحرة ومدعي النبوة في التاريخ اسمه: آليستر كراولي، هذا الراجل تعلم طقوس السحر الأسود، وادعى النبوة،، لكنه عاش حياة كلها ضلال ومجون، كان مدمن مخدرات وهيروين، وكان يغتصب عددا كبير من النساء، وكان مزدوج الميول الجنسية، يمارس الجنس مع الرجال والسيدات، تخيل هل ممكن إنسان عاقل يكون عنده ذرة شك إن ده ممكن يكون إنسان مُرسل من ربنا لهداية الناس.
ولذلك كانوا يقولون: إن مدعي النبوة إما أن يكون أصدق الصادقين أو أكذب الكاذبين ولا يشتبه أكذب الناس بأصدق الناس إلا على غير ذي عقل. لأن مدعي النبوة إن كان صادقا فهو معصوم من الذنوب وقدوة للناس ومبلغ عن الله، فلابد أن يكون أفضل الناس وأصدقهم، وإن كان كاذبا فهو يكذب على الله، وعلى كل الخلق.

View more

Liked by: izttin Nourhan

متى وكيف فكر الله في خلق الكون؟ لأن عمليات التفكير سببية، والسببية تتطلب وقتًا!

سبب هذا الاستشكال في السؤال أيضا كالأسئلة السابقة هو قياس الخالق على المخلوق، وتصور إن مشيئة ربنا بتنبني على تفكير مسبق، وإن التفكير ده بيترتب عليه علم ربنا وإرادته، يعني تصور إن علم ربنا هو علم استدلالي بيحصل بعد تصور المقدمات وترتيبها بشكل معين زي التفكير بالبشري بالظبط عشان نوصل للنتائج.
والحقيقة إن علم ربنا علم أزلي زي ما وجود ذاته وجود أزلي ملهوش بداية، فربنا يعلم منذ الأزل أنه سيخلق العالم، ومشيئة ربنا في الأزل تعلقت بخلق العالم في الوقت المخصوص اللي خلق فيه، وقدرة ربنا أوجدت العالم في اللحظة اللي تعلقت المشيئة الأزلية بإيجادها فيه.
فإحنا عندنا 3 صفات إلهية اقتضت إيجاد العالم في الوقت المخصوص اللي خلق فيه. 1-العلم الأزلي الغير مبني على الاستدلال أو التفكير، 2-والمشيئة أو الإرادة الأزلية الغير مبنية على البواعث النفسية أو الدوافع السيكولوجية اللي اقتضت تخصيص العالم بإيجاده في الوقت المخصوص اللي خلق فيه. 3-والقدرة الأزلية اللي أوجدت العالم من العدم المحض مش من مادة سابقة عليه.
فالسببية اللي بتتطلب وقت هي سببية التفكير البشري في العلوم النظرية أوالاستدلالية، لأنها بتقوم على الملاحظة والمشاهدة والفرض والتفكير ثم الاستنتاج وكل ده بيحتاج لوقت، نفس الكلام في القرارات اللي بيتخذها الإنسان بتحتاج منه لتفكير وموازنة بين المميزات والعيوب والمصالح والمفاسد، وكل الافتراضات دي مستحيلة في حق ربنا. لأن مشيئته زي ما قلنا مبنية فقط على علمه الأزلي والمحيط الكاشف عن كل شيء.

View more

متى وكيف فكر الله في خلق الكون لأن عمليات التفكير سببية والسببية تتطلب وقتا

لو ربنا موجود خارج الزمان، فإزاي بنقول إنه موجود قبل أي حاجة؟ (قبل) ملهاش معنى من غير وجود للزمن!

معنى إن ربنا موجود خارج الزمان إنه موجود غير مادّي وإنه كان موجود قبل ابتداء الزمان، ومعنى ابتداء الزمان يعني بدء خلق العالم، فقبل خلق العالم مكنش فيه زمان؛ لأن الزمان مفهوم مش ممكن تصوره إلا من خلال التغير والحركة، فإحنا بنعبر عن حركة الأرض مرة حوالين نفسها باسم اليوم، وعن دوران الأرض مرة حوالين الشمس باسم السنة وهكذا، فالزمان من لواحق الحركة، والحركة من لواحق الأجسام أو المادّة.
وإذا عرفنا إن ربنا مش مادّي، يعني مش جسم متحيز، وبالتالي لا يوصف بأنه متحرك أو ساكن، وذاته مش بيطرأ عليها التغير، وأفعاله مش بيترتب عليها تغير أو حركة في ذاته هنفهم بسهولة إن وجود ربنا مش زماني، ومش مرتبط بالزمان سواء قبل خلق العالم أو بعد وجود العالم.
هنا واحد بيسأل: لو قبل خلق العالم مكنش فيه زمان، فإيه معنى كلمة (قبل) هنا؟
والجواب إن كلمة قبل مش دايما بالضرورة بتدل على سبق شيء لشيء سبقا زمانيا، فلما نقول: الأب موجود قبل ابنه، فقبل هنا تفيد السبق الزماني يعني وجود الأب متقدم على وجود الابن بفاصل زمني محدد.
لكن لما نقول: عدم العالم كان قبل وجوده. فمعنى العبارة دي إن وجود العالم لازم يكون مسبوق بالعدم وإلا هيكون العالم أزلي، وأكيد مفيش مسافة زمنية بين عدم العالم وبين وجوده، لأن العدم هو النفي ولأنه قبل وجود العالم مكنش فيه زمن ولا كان للزمن معنى زي ما وضحنا في البداية.
نفس الشيء يصح أن نقول: الله موجود قبل العالم، وكلمة قبل هنا مش معناها إن فيه مسافة زمانية أو مدة زمانية بين وجود ربنا وبين وجود العالم، لأن الزمن بدأ مع وجود الكون.
المتكلمين المسلمين أدركوا المعنى ده من زمان في نقاشاتهم مع الفلاسفة، فبيقول الإمام نصير الدين الطوسي في كتابه تجريد العقائد: «واختص الحدوث بوقته إذ لا وقت قبله، والقبلية لا تستدعي الزمان». والمعنى ببساطة إن اختصاص العالم بوجوده في اللحظة المعينة اللي ربنا خلقه عندها سببه إنه الزمان مكنش له وجود قبل خلق العالم، وأي لحظة أخرى أو زمن تخيلي آخر ربنا كان ممكن يخلق فيه العالم كان هيبتدي الزمان مع لحظة الخلق دي. والقبلية لا تستدعي الزمان لأنه زي ما قلنا في أزمان موهومة أو تخيلية قبل إيجاد العالم، وفيه زمن واقعي وهو اللي بدأ مع خلق العالم.
فلو فرضنا إن العالم اتخلق من 14 مليار سنة فيجوز عقلا إن ربنا كان يخلقه قبل 15 مليار سنة أو قبل 10 مليار سنة. والفارق الزمني ما بين الزمنين دول فارق تخيلي، بيفترضه الوهم، لكن الزمان الواقعي بيبدأ فعليا مع وجود المخلوقات المادية اللي بتوصف بالحركة والسكون.

View more

لو ربنا موجود خارج الزمان فإزاي بنقول إنه موجود قبل أي حاجة قبل ملهاش معنى من

تابع السؤال السابق المتعلق بقوله: واضربوهن

ومن شروط هذا الضرب أيضا ألا يترك علامة أو يشين جارحة أو يكون مبرحا أو يكون على وجه أو على أي عضو يحصل به معنى الإهانة عرفا.
وحتى إن تحققت كل هذه الشروط فالفقهاء فهموا من مجموع نصوص الشرع في هذه القضية أن الضرب خلاف الأولى، وأن خيار الرجال لا يضربون زوجاتهم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لقد أطاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشكون أزواجهن -أي من ضربهم لهن -ولا تجدون أولئك خياركم» ومعناه أن الذين ضربوا أزواجهم ليسوا خيار الصحابة.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم.
وفي صحيح مسلم أنه ما ضرب رسول الله خادما له ولا امرأة ولا ضرب شيئا بيده.
والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى الرجال بالنساء فقال: استوصوا بالنساء خيرا.
فملخص ما سبق أن الضرب المذكور في الآية معلل بتحقيق مصلحة معينة وهي منع الزوجة من الاستمرار في النشوز، ومشروط بشروط كثيرة أغلبها لا يوجد في واقع الناس اليوم، وهذه الوسيلة تلجأ إليها المرأة بواسطة القاضي في حق زوجها إن أساء إليها ونشز، ويلجأ إليها الرجل إن نشزت المرأة، في المجتمعات والأعراف التي يمكن أن يكون هذا سببا في ردع أحد الزوجين من الاستمرار في الإعراض والنشوز، ويحرم الاستعانة بها إن لم تتحقق هذه المصلحة.
يقول الإمام محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: وأما الضرب فهو خطير وتحديده عسير، ولكنه أذن فيه في حالة ظهور الفساد لأن المرأة اعتدت حينئذ، ولكن يجب تعيين حد في ذلك، يبين في الفقه، لأنه لو أطلق للأزواج أن يتولوه، وهم حينئذ يشفون غضبهم، لكان ذلك مظنة تجاوز الحد، إذ قل من يعاقب على قدر الذنب، على أن أصل قواعد الشريعة لا تسمح بأن يقضي أحد لنفسه لولا الضرورة. بيد أن الجمهور قيدوا ذلك بالسلامة من الإضرار، وبصدوره ممن لا يعد الضرب بينهم إهانة وإضرارا. فنقول: يجوز لولاة الأمور إذا علموا أن الأزواج لا يحسنون وضع العقوبات الشرعية مواضعها، ولا الوقوف عند حدودها أن يضربوا على أيديهم استعمال هذه العقوبة، ويعلنوا لهم أن من ضرب امرأته عوقب، كيلا يتفاقم أمر الإضرار بين الأزواج، لا سيما عند ضعف الوازع)) اهـ.
وهذا هو الذي نراه أن يمنع القضاة وولاة الأمور ضرب الرجل لزوجته اليوم إذ أن الغالب اليوم هو من العدوان ولا يترتب عليه أي مصلحة في حق الزوجين أو استمرار العشرة، بل ما يحدث به هو العكس والله أعلم

View more

ما معنى الآية في القرآن: واهجروهن في المضاجع واضربوهن. هل يبيح الدين إن الراجل يضرب زوجته؟ وإن كان حرام فما معنى الآية ؟

الأمر الوارد بالضرب في هذه الآية، مسبوق بالكلام عن نشوز المرأة في علاقة الزواج، فلابد أن نبين أولا أن مقصود الإسلام من العلاقة الزوجية هو أن تجمع هذه العلاقة بين الاستدامة مع المودة والرحمة، فإن استحالت العشرة بين الزوجين شرع الله الطلاق، ولكن لأن الطلاق بدون سبب أو بدون حاجة مكروه لأنه يعتبر نوع من أنواع الضرر الذي يحدثه الإنسان بنفسه وبزوجته وبالأسرة من غير داعٍ، كان حرص الشرع على محاولة حل المشكلات بين الزوجين عند وقوعها بكل الطرق الممكنة.
ولذا فإن الشرع أرشد لطرق التعامل مع سوء العشرة التي يمكن أن تؤدي إذا استمرت من أحد الطرفين إلى وقوع الطلاق، ووضع وسائل لمعالجتها، وهذه العشرة السيئة والخروج عن الطاعة هو الذي يسمى بالنشوز، وهو محل الكلام على هذه الآية في السؤال.
والنشوز قد يحصل من الرجل وقد يحصل من المرأة وقد أرشد الشرع لطرق معالجته في الحالتين، كما أن الفقهاء قالوا إن أعرض أحد الزوجين عن الآخر وكره أحدهم صحبة صاحبه من دون اعتداء أو إيقاع أذى فيستحب لكل واحد منهما أن يستعطف الآخر ويستميل قلبه إليه بكلام حلو أو بزيادة نفقة أو بالهدايا وما شابه.
فإذا وقع النشوز من الرجل، فللمرأة أن:
1-تقوم بوعظه برفق ولين، وتذكره بالله، وبالميثاق الذي أخذه عليه لما جمع بينهما بالزواج الحلال {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21].
2-ولها أن تهجره في الفراش في حالات محددة لا تتعداها وهي: وهي إن كان نشوزه متمثلا في معصية يرتكبها في العلاقة الزوجية بأن يأتيها في فترة الحيض أو في الدبر كما حرم الله، ولكن ليس لها ذلك إن استطاعت أن تمنعه من هذه المعصية، دون أن تبتعد عنه إلى فراش مستقل.
3-وإن كان نشوز الرجل بأن تعدى على زوجته أو أساء إليها بإحدى طرق الإساءة كأن يشتمها أو يضربها أو يضاررها بالهجر المتعمد، فإن الشرع أرشد أن ترفع أمره للقاضي، والقاضي يعظه ثم يضربه إن تكرر منه هذا ولم ينفعه الوعظ، فيكون هذا سبيلا لإصلاح أخلاق الزوج وإحسان عشرته لزوجته.
4-وإن كان نشوزه بأن منعها حقا واجبا لها كنفقة أو قسم بينها وبين ضرتها رفعت مشكلتها إلى القاضي فيلزمه القاضي بتوفية هذا الحق لزوجته.
6-وإن كان نشوز الرجل بأن ضرب زوجته ضربا مبرحا فإن للزوجة التطليق إن اختارت ثم يقتص لها القاضي من زوجها بمثل ما اعتدى عليها.
أما إن حدثت بعض أمارات النشوز من الزوجة كإعراض وعبوس وسوء معاملة أو تحقق النشوز من الزوجة بأن منعت زوجها حقه الشرعي في الفراش بدون سبب، أو كانت تخرج وتسافر بدون إذنه فإن الشرع أرشد الرجل إلى:
1-وعظها برفق ولين واستمال قلبها، فيذكر بميثاق العشرة بينهما الذي أخذه الله عليهما، ويذكرها بالله واليوم الآخر وحق كل واحد منهما على صاحبه.
2-فإن لم ينفع الوعظ هجرها فقط في الفراش ولا يحل له أن يهجرها في الكلام.
3-وإن لم ينفع الوعظ والهجر ينتقل إلى الوسيلة الثالثة وهي مشروطة عند جميع الفقهاء بأن يكون لها فائدة وجدوى في ردع الزوجة من غير إهانة أو عنف، فإن الشرع لم يرشد إلى تلك الوسيلة كي يزيد الكره والبغضاء بين الزوجين ويتمادى الأمر إلى تحقق وقوع الطلاق بل المقصود هو العكس وهو معالجة ما حدث من النشوز بنوع فيه إظهار الحزم، وإظهار الرغبة في استمرار العلاقة بصورة لا يعتدي فيها أحد الطرفين على حقوق الآخر.

View more

ما المانع من دخول شخص غير مسلم مثل شيرين أبو عاقلة الجنة؟ هل الجنة حق حصري للمسلمين؟

دعني أجيب على السؤال بشكل عام، ونستبعد اسم الراحلة شيرين أبو عاقلة من السؤال، ليس لأننا نريد أن نتهرب من سؤالك، ولكن لأننا ببساطة لا نعرف مصائر أعيان الناس مثل شيرين أو زيد أو يوسف أو غيره ممن رحلوا عن دنيانا، لا نعرف أين سيكون مصيرهم هل هو إلى الجنة أو النار، حتى لو كنا نعرف دينهم وما عاشوا عليه في حياتهم، ليس لأن دخول الجنة غير مشروط بالإيمان أو باتباع دين معين كالإسلام، لكن لأننا لا نعرف ما الذي يموت عليه ابن آدم، فهناك مؤمن يعيش حياته على الإيمان، ويفتن والعياذ بالله آخر حياته فيموت على الكفر، فيكون من أهل النار والعياذ بالله، وهناك من يعيش حياته كافرا أو غير مسلم، فيمن الله عليه بالإسلام آخر حياته فيكون من أهل الجنة. حتى لو لم نعرف ذلك في الدنيا، وحتى لو تعاملنا معه في أحكام الدنيا معاملة غير المسلم.
ففي البداية لابد أن نعرف أن هناك فرقا بين أمرين، بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وليس من الضروري وجود تلازم بين الاثنين؛ أما أحكام الدنيا فهي ما أمرنا الله أن نعامل به الناس إذا أقروا بالإيمان عن طريق النطق بشهادتي الإسلام، وعدم إنكار شيء مما علم ضرورة أن سيدنا محمدا أخبر به، فحينئذ نشهد لهذا الإنسان بالإسلام ونتعامل معه كمسلم، يجوز أن يزوج من المسلمة، ويورث، وإذا مات كفن وغسل وصلي عليه ودفن مع المسلمين، هذه تسمى أحكام الدنيا حتى إذا كان الشخص منافقا يظهر غير ما يبطن، وحتى ما لو إذا مات على غير الإسلام دون أن يعرف أحد كما قلنا في أول جواب السؤال.
ومن لم يشهد الشهادتين وينقاد بقلبه ولسانه لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من العقائد والأحكام التي علم أنها مما أخبر به عليه الصلاة والسلام فلا نحكم له بالإسلام، فهو في أحكام الدنيا غير مسلم، لا يجوز أن يزوج من المسلمة ولا يجوز أن يرث من أبيه المسلم أو يصلى عليه إذا مات كما نصلي على المسلم، وكل هذا كما قلنا في أحكام الدنيا، ولا يستلزم ذلك أن يكون ذلك الشخص مات على الكفر أو كان من أهل النار، لأنا لا نعلم بما ختم الله له، ولسبب آخر هو أنه ربما يكون عاش كافرا، لكن لم تصله دعوة الإسلام ورسالة نبيه بصورة تدعوه إلى النظر فيها، فهو وإن كان في الدنيا غير مسلم، لكن قد يعفو الله عنه في الآخرة ويكون من أهل النجاة، لأن شرط وقوع الإنسان تحت دائرة التكليف بالإيمان أن تكون رسالة النبي صلى الله عليه وسلم قد وصلته وعرضت عليه ثم أنكرها وجحدها، وهؤلاء هم الذين يسمون أهل الفترة، الذين قال الله فيهم: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، أو تكون الرسالة قد وصلته لكنه آثر تقليد ما ولد عليه من دين آبائه ، ولم يجتهد في البحث والنظر ليعرف الحق من الباطل، فهذا أيضا غير معذور في الآخرة وهو والعياذ بالله من أهل النار.
كل ما سبق كان مقدمة للإجابة عن السؤال، وتلخيصها أنه ليس هناك تلازم بين أحكام الدنيا وبين مصير الإنسان في الآخرة، لذلك قلنا في البداية دعنا نستبعد أسماء هؤلاء الذين رحلوا بأعيانهم ونتلكم عن قضية المصير الأخروي بشكل نظري.
فإن قلت: ما المانع من دخول غير المسلم الجنة؟ وتقصد هنا بغير المسلم الإنسان الذي وصلته رسالة النبي ومعجزاته فأنكرها وجحدها، أو الإنسان المقصر عن البحث والنظر ويحب التقليد ويرفض الخروج من دائرة الأفكار التي تربى عليها حتى إن كانت غير صحيحة وتصادم الفكر والنظر. فالإجابة ببساطة: لأن الله جعل شرط النجاة في الآخرة هو الإيمان والعمل الصالح، والمقصود بالإيمان هنا: هو الإقرار بالشهادتين وتصديق النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به ووصل لنا بصورة لا شك فيها أنه أخبر بذلك وعلم أن ذلك من الدين.
يتبع

View more

ما المانع من دخول بعض الناس الطيبين الجنة من غير المسلمين؟ هل الجنة حق حصري للمسلمين؟

دعني أجيب على السؤال بشكل عام، ونستبعد اسم الراحلة شيرين أبو عاقلة من السؤال، ليس لأننا نريد أن نتهرب من سؤالك، ولكن لأننا ببساطة لا نعرف مصائر أعيان الناس مثل شيرين أو زيد أو يوسف أو غيره ممن رحلوا عن دنيانا، لا نعرف أين سيكون مصيرهم هل هو إلى الجنة أو النار، حتى لو كنا نعرف دينهم وما عاشوا عليه في حياتهم، ليس لأن دخول الجنة غير مشروط بالإيمان أو باتباع دين معين كالإسلام، لكن لأننا لا نعرف ما الذي يموت عليه ابن آدم، فهناك مؤمن يعيش حياته على الإيمان، ويفتن والعياذ بالله آخر حياته فيموت على الكفر، فيكون من أهل النار والعياذ بالله، وهناك من يعيش حياته كافرا أو غير مسلم، فيمن الله عليه بالإسلام آخر حياته فيكون من أهل الجنة. حتى لو لم نعرف ذلك في الدنيا، وحتى لو تعاملنا معه في أحكام الدنيا معاملة غير المسلم.
ففي البداية لابد أن نعرف أن هناك فرقا بين أمرين، بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وليس من الضروري وجود تلازم بين الاثنين؛ أما أحكام الدنيا فهي ما أمرنا الله أن نعامل به الناس إذا أقروا بالإيمان عن طريق النطق بشهادتي الإسلام، وعدم إنكار شيء مما علم ضرورة أن سيدنا محمدا أخبر به، فحينئذ نشهد لهذا الإنسان بالإسلام ونتعامل معه كمسلم، يجوز أن يزوج من المسلمة، ويورث، وإذا مات كفن وغسل وصلي عليه ودفن مع المسلمين، هذه تسمى أحكام الدنيا حتى إذا كان الشخص منافقا يظهر غير ما يبطن، وحتى ما لو إذا مات على غير الإسلام دون أن يعرف أحد كما قلنا في أول جواب السؤال.
ومن لم يشهد الشهادتين وينقاد بقلبه ولسانه لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من العقائد والأحكام التي علم أنها مما أخبر به عليه الصلاة والسلام فلا نحكم له بالإسلام، فهو في أحكام الدنيا غير مسلم، لا يجوز أن يزوج من المسلمة ولا يجوز أن يرث من أبيه المسلم أو يصلى عليه إذا مات كما نصلي على المسلم، وكل هذا كما قلنا في أحكام الدنيا، ولا يستلزم ذلك أن يكون ذلك الشخص مات على الكفر أو كان من أهل النار، لأنا لا نعلم بما ختم الله له، ولسبب آخر هو أنه ربما يكون عاش كافرا، لكن لم تصله دعوة الإسلام ورسالة نبيه بصورة تدعوه إلى النظر فيها، فهو وإن كان في الدنيا غير مسلم، لكن قد يعفو الله عنه في الآخرة ويكون من أهل النجاة، لأن شرط وقوع الإنسان تحت دائرة التكليف بالإيمان أن تكون رسالة النبي صلى الله عليه وسلم قد وصلته وعرضت عليه ثم أنكرها وجحدها، وهؤلاء هم الذين يسمون أهل الفترة، الذين قال الله فيهم: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، أو تكون الرسالة قد وصلته لكنه آثر تقليد ما ولد عليه من دين آبائه ، ولم يجتهد في البحث والنظر ليعرف الحق من الباطل، فهذا أيضا غير معذور في الآخرة وهو والعياذ بالله من أهل النار.
كل ما سبق كان مقدمة للإجابة عن السؤال، وتلخيصها أنه ليس هناك تلازم بين أحكام الدنيا وبين مصير الإنسان في الآخرة، لذلك قلنا في البداية دعنا نستبعد أسماء هؤلاء الذين رحلوا بأعيانهم ونتلكم عن قضية المصير الأخروي بشكل نظري.
فإن قلت: ما المانع من دخول غير المسلم الجنة؟ وتقصد هنا بغير المسلم الإنسان الذي وصلته رسالة النبي ومعجزاته فأنكرها وجحدها، أو الإنسان المقصر عن البحث والنظر ويحب التقليد ويرفض الخروج من دائرة الأفكار التي تربى عليها حتى إن كانت غير صحيحة وتصادم الفكر والنظر. فالإجابة ببساطة: لأن الله جعل شرط النجاة في الآخرة هو الإيمان والعمل الصالح، والمقصود بالإيمان هنا: هو الإقرار بالشهادتين وتصديق النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به ووصل لنا بصورة لا شك فيها أنه أخبر بذلك وعلم أن ذلك من الدين.
يتبع

View more

Next

Language: English