إن السماءَ تبكي بدموع الغمام، ويخفِق قلبُها بلمعان البرق، وتصرُخ بهدير الرَّعد، وإن الأرض تئنُّ بحفيف الريح، وتضِجُّ بأمواج البحر، وما بكاءُ السماء وأنين الأرض إلا رحمة بالإنسان، ونحن أبناء الطبيعة، فلنُجارِها في بكائها وحنينها.إن اليدَ التي تصون الدموع أفضلُ من اليد التي تريق الدماء.والتي تشرَحُ الصدور أشرفُ من التي تبقر البطون؛ فالمحسن أفضلُ من القائد، وأشرف من المجاهد، وكم بين من يُحيي الميتَ، ومن يُميت الحي!إن الرحمةَ كلمة صغيرة،ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها، والشمس في حقيقتها.إذا وَجد الحكيمُ بين جوانح الإنسان ضالته من القلب الرحيم، وجَد المجتمع ضالتَه من السعادة والهناء.لو تراحم الناس لَمَا كان بينهم جائعٌ ولا عارٍ، ولا مغبون ولا مهضوم، ولأقفرت الجفونُ من المدامع، واطمأنت الجنوبُ فيالمضاجع، ولَمَحَتِ الرحمةُ الشقاءَ من المجتمع، كما يمحو لسانُ الصبح مدادَ الظلام.