حقًّا ؛ ما الذي يُجبرُ الإنسان على فعلِ أمورٍ غريبة قد تودي بحياته لأجل مالٍ أو شهرة!! ليسَ شغفًا إطلاقـًا أن تضعَ حياتكَ على المحك لأجل إحدى الأمرين، إنه جنونٌ مُطلق أن تسعى لأجلهما دونَ اهتمامٍ لروحك، الخوفُ بادٍ في تقاسيم وجوههم والرعب أثناء مراقبتهم يُجمِّد الدماء، بشِعٌ هذا الطمع، أترخُصُ الروح لمتاعٍ زائِل !! و آسفاه.
ما الضرر لو أُلغيَت بعض العادات والتقاليد الجاهليّة وأُلغيَ معها الفِكرُ الحجريّ والنظرَةُ الدونيّة لبعض الفئات وازدراء النساء وتمجيد الفاشلين وكبحِ جماحِ المُبدعين !! ما الضرر لو تَصافَت القلوب وتآخى الأهلون وسعينَا نحو المجد معًا !! أَضررٌ لو مهَّدَ الجميعُ الدربَ للجميع وأقمنَا عزاءً لحزن البعيد وفرحًا إن ضحِكَ القريب !! لا ضررَ إن تصافت النوايا.
لِماذا نأسفُ على المُنتحِر، ولا نُفكِّرُ إن كُنّا نحنُ السبب؟ فَكما سَيُعاقَبُ على فعلته سَتاعقَبُ إنّ كُنتَ من أدّى إلى اتخاذه ذَا القرار ، ستكونُ حجَّته أنّك ضيقّت حياته وحطمتَ آماله وانتزعت ثقته وعذّبتَ روحه، أيًّا كانَ ذنبك ستلقى جزاءكَ فيومئذٍ لا يُظلمُ نملٌ ولا عبد، فَفكّر قبلَ أن تنطِق وحكِّم فعلكَ قبلَ أن تُنفِذ، ولا تتعالى فتهوي .
ها قد انتهت السنةُ الاختباريةُ لمدى إيمانِ المسلمِ باللّٰه الذي أمضى أيامها بقنوطٍ وسخطٍ منقوصَ الصبرِ، غضبانَ كسول، انتهت بجهلٍ مضاعف وبعدٍ متزايد ومعتقداتٍ لم تتغير حول الاحتفال بأعياد أديان أخرى مغلَّفة باحترام الأديان وإظهار أخلاق الإسلام وباطنها هاوية، ولو كان شعيرةً من الله لمرَّ كيومٍ عادي، والأولى تعظيمُ شعائر الله، انتهت والاقتراب من الهاوية يزداد بزيادة الشرك الخفي، القلوب أشدُّ قسوةً من الحجارة، ولم يأنِ بعدُ للذين آمنوا أن تخشعَ قلوبهم، انتهت بسوادٍ قاتمٍ لِحال المسلم، نرجوا الله رحمته ، فالبعدُ عنه مقرون بالعذاب إن لم نتوبْ.
في محاولته العودة بعد شعور الفقد كان الناس عثرات في طريقه، يُجاهد لِيكون شخصًا يُفتخرُ بِه، قويًّا كما أراده المفقود، تدريجيًّا يتخطى، بالتغاضي عن ضعفه الداخليّ، يعود كما كانَ بنظر المراقبين، والحقيقةُ أنَّ داخله محطم ، يتنكرُ بمشاعرٍ خارجيّة لئلا يُصبحَ موضعَ شَفقة، لا تخدِشه بنظراتك وتلميحاتك، رِفقًا بِالفاقد رِفقًا .
تأخذُ مِني الكتابة الكثير، أُفرغُ جُعبتي بكلامٍ مغايرٍ لواقعي، أبدوا وكأني أسردُ حياةَ شخصٍ آخر، وحقيقة الأمر يخرجُ بكاءً، لا أعلمُ كيف يتشارك الآخرون حُزنهم مع غيرهم، فأنا لا أستطيع سردَ حُزني كقصةٍ مع شهقة، أُعالج الأمر بالصمت. هل سأستطيع مُشاركةُ الأمر مع أحدهم؟! لا أعلم ولا أرغب بذلك، ما أرغبُ به أن تستمر نُدرة الحزن، فَإخفاء القليل يسير.
إن لم تفعل أنتَ ، لن يفعله شخصٌ آخر، لا بُدَّ أن تفعل ليتخذ شيءٌ مكانه الصحيح في كل الفوضى المحيطةِ بِك، لِتشعرَ في كلٍ مرةٍ بالإنجاز ، ولتتعلم شيئًا وراء الآخر و تُشَيِّدَ عالمًا جُلُّه أحلام مُحققه ، تعلَّم أنْ لا تُعوِّلَ على ضوء نهاية النفق.
انصِف مؤذِيكَ ولو بينكَ وبينه حربًّا ضروسًا تنتصِر ، كُن عادلًا ولا تنهزم لنصرة نفسك في ضعفه وتشهَدُ ضده باطلًا ، لا تنتقم منه بظلمِه، لا تقِف على حافة ردّ الأذى بالظلم واصفح، لا تتعدَّ حدود الله لأجل نفسك، الأمرُ أحدُّ من السيف وأرفع من الشعرة، حذارِ وقوعك في حقوق غيرك لأجل أمرٍ لو تركته لشاهدتَ عدالة إلهية عظمى تردُّ حقكَ مُضاعفًا.
لا تمدَّنَّ عينَيك إلى رزق غيرِك، ولا تقولنَّ لو رُزقتُ ما رُزِقَ ، ولا تذهبنَّ نفسكَ حسراتٍ على ما فقدْت. لكلِّ وعدٍ آن، ولكلِّ رزقٍ ميعاد. سيزول الأسود ويسود الأبيض، فلا تيأس إذا تأخرَّ رزقك ولا تَتوهَّم إنه مُتَعسِّر، كل آجلٍ آت، لن ترسل روحك دونَ أن يكتمل رزقك، اصبر فعاقبة الصبر تُرضيكَ إن رضيتَ الآن، وسعى دونَ أن تُهلِكَ نفسك.
في علاقة الشمعة والخيط لا يعتقد الخيط أن ضوءه يحرقها بل سبيلًا ليكونَ نورًا يُضيء طريقها نحو المُراد، والشمعةٌ أيضًا ترى أن كلما زادَ ذوبانها اقتربت من إنجاز ما وجدت لأجله ليسَ قربًا لهلاكها. ونحن ننظرُ للخيطِ بأنه عدو للشمعة ونُشَّنِعُ الشمعةَ لِمَ تُضيءُ لأجلِ غيرها وهي مُدرِكَةٌ أنها على وشك الاختفاء، لأننَا نرفض التضحية، إما سويّة نكون أو العدم، لا أحد يضيء الطريق ولا أحد يصل لغايته.
فجأةً، بسبب أمرٍ ضئيل، تنغمسُ بِأمرٍ خاطئ ،ثُمَّ تَسيرُ في طريق لم تره من قبل، فجأةً وبسبب أنكَ غضضتَ الطرف عن سوء الأمرِ لسوءٍ ضئيل يُحيطكَ ظلامٌ ، كزوبعةٍ، ينزعُ خِصالكَ الجيِّدة لِتبدوا أكثرَ سوءً لِمن حولك.
يصقلنا كلام الناس سيئه وجيده، شئنا أم أبينا، لهم جُزءٌ من بنياننا، والذكي من صقلَ كلامهم الجيّد ليقوي بنيانه وسدّ الفراغات بسيئه، لئلا يهدموا ما بَنَى بِسوئهم المُتكالِب ، والمتغافل عن كلامهم سيكون ما أرادوا بوقتٍ ليسَ ببعيد.
حتى ولو كنتَ حجرًا أو خشبًا ولم يعد يهمكَ ولو أُضرمتِ النار بك، في عمقكَ بالضبط لا يزال جزءٌ صغيرٌ يحمل إنسانيَّتك، شيء كشعلةٍ لم تنطفئ ، شيء يذكرك بِحقيقتك، بحبك للحياة وأن تكونَ بطلًا، دونَ أن تدركَ أنكَ أنتَ من يفكر، و أنَّك أنتَ من يريد الحياة، لستَ بحجرٍ ولستَ مُنطفئًا، أنتَ في مكان يخفي كيانك، تحرّك قليلًا وستعرف من أنتَ وما تريد، حاول.
الغايةُ لا تبرر الوسيلة، وأنَّ ما أُتِيَ من ظهر الأمر طُعن في قلبه، أقبل للغاية من الباب بأبسطَ ما عندك واطرق الباب لطلبها، إن أُتيتَ سؤلكَ ظفرتْ، وإن صُدَّ الباب حُفظَ لكَ شَرَفُ الإقدام.
حامل الشيء المتستر أعتى من المتجبر الذي يُظهر ما يخفيه ، فالأخير ظاهرٌ للعَيان يمكنك الصدادُ عنه، أما الأول كناخِرٍ خارجه مليء وجوفه فارِغ، يلقي فتاته هنا وهناك دونَ وعي ممن هناك .
قد نصل أو وصلنا حقًّا إلى مرحلة عدم الفَهمِ والاتزان في أنحاءٍ مختلفةٍ من أمور الحياة، إدراكنا لِما حولنا ضئيل، ورؤيتنا لا تتعدى شاشةَ الهاتف، الغباء يزداد والولوج إلى جحر الضب أصبحَ واجِبًا وعاقٌ من يَفر، سُلبنا من أنفسنا وعُدنا غرباء عنّا، غفلَتُنَا هلاكُنا في وضحِ النهار.
إلى أولئكَ الظاهر منهم غيرُ الخَفيّ، اللّٰه يُجازيكَ بما أضمرت، فلا تدَّعي الطيبة وتتسائَل لماذا تعود لكَ بالخبث والأذيَّة، لكَ ما أضمرتَ لا ما فعلت، بأفعال قلوبكم تُجازَون، فَلينظركلٌّ إلى قلبه ولا يتسائَل لماذا لا يُرَدُّ له ما يفعله للناس !!