لحرفك الجميل:
كان لجارتنا ابن وسيم، شابٌ في مقتبل العمر إلا أنه ذو هيبة ووقار، عيناه ناعمتان كأنهما وردة، قهويتان شهيتان، تدفعانك للحبّ رغمًا عنك، وله شعر أسود كثيف فيه شيء من خشونة يجعلك تدرك معالم الرجولة المتساقطة منه ومن تلك المشية الهادئة والملابس ذات الطابع الرسميّ قليلًا، لم يكن ليرتدي رجلٌ مثله غير هذا النوع من الملابس على أية حال، في الوداع الأخير حيث أُجبر على الذهاب للحرب رغم أنه وحيدها وملاذها في هذه الدنيا، كنت أجلس إلى جوارها أخفف عنها قسوة أمواج القدر العاتية التي تضرب في القلب لتفتقه دون رتق، حينها كان هو صلبًا عاتيًا مع هذه الأمواج كأنه البحر بعينه، أتذكره تمامًا وهو يرتدي قميصه الأزرق المقلم بلون أزرق آخر أقل درجة وكثافة من اللون الأصلي، وبنطالًا من الكتان الأسود، وحذاءً أسودًا برمز بندقية على الجانب الخارجي منها، أتذكر جيدًا طريقته في النظر إلى ساعته الفضية ثم تقبيله يد أمه ورأسها دون أن تتلاقى النظرات، ثم خروجه من باب المنزل، ودموعها الغزيرة ثم ذاك الصمت المطبق الذي دام عشر سنوات!
عشر سنوات وأنا أراها تصلي في عتمة الأيام والظروف، تعطّر سجادتها المخملية بعطر الورد الإنجليزي الناعم، ترتدي ملابسها البيضاء، وتناجي الله بقلب أمٍّ ثكلى ودموع طفل يتيم، لا تتكلم كثيرًا، هادئةً لا تقول أكثر من اللازم، ولا تفعل في وقت فراغها أكثر من أن تقرأ كتابًا أو تذكر الله..
اليوم في يوم الأم العالمي، تتفتح أسارير قلبها، وترفع زهرات روحها رأسها عاليًا لتلاقي المحبوب، اليوم ارتدث ثوبها الوردي وخرجت إلى الطرقات تفرش الأرض بالورد والقبلات، هنا من هذا الطريق سيعود لها ابنها الغائب خلف سراب المدن الآثمة، وهنا سيجلس حبيبها المنتظر، هنا سيكون عرسه، وهنا سيلعب أحفادي معي الغميضة، عشر سنين وهي تنتظره بقلب حر ويقينٍ لا ينفد، اليوم كتب الله لها الرضى وشاء لها أن يتناثر رماد الحزن من قلبها إلى الأبد!
#فوزة_الدراغمة
عشر سنوات وأنا أراها تصلي في عتمة الأيام والظروف، تعطّر سجادتها المخملية بعطر الورد الإنجليزي الناعم، ترتدي ملابسها البيضاء، وتناجي الله بقلب أمٍّ ثكلى ودموع طفل يتيم، لا تتكلم كثيرًا، هادئةً لا تقول أكثر من اللازم، ولا تفعل في وقت فراغها أكثر من أن تقرأ كتابًا أو تذكر الله..
اليوم في يوم الأم العالمي، تتفتح أسارير قلبها، وترفع زهرات روحها رأسها عاليًا لتلاقي المحبوب، اليوم ارتدث ثوبها الوردي وخرجت إلى الطرقات تفرش الأرض بالورد والقبلات، هنا من هذا الطريق سيعود لها ابنها الغائب خلف سراب المدن الآثمة، وهنا سيجلس حبيبها المنتظر، هنا سيكون عرسه، وهنا سيلعب أحفادي معي الغميضة، عشر سنين وهي تنتظره بقلب حر ويقينٍ لا ينفد، اليوم كتب الله لها الرضى وشاء لها أن يتناثر رماد الحزن من قلبها إلى الأبد!
#فوزة_الدراغمة
Liked by:
Zainab Jaradat
فؤاد الدلايكه