عندما أُفكر بالحياة, تبدو مرعبة لسببٍ محدَّد, و هو أن عدَّاد الساعة يستمر عابرًا بك, دون توقُّف, لا يُعطيك حتى ما يكفي من الوقت لتفهم وجودك و معناه .. و كأنَّك تعبر في الحياة مخطوفًا.
مرت أربعة و عشرين سنة فقط, بالكاد تنفست, بالكاد بدأت الحياة يخبرك وجدانك الكاذب, و بقليل من التفكير تجد أنَّك تكاد تنتهي, فما بقي لك من الشباب الذي يتيح لك العيش و التجربة و البهجة يلامس في أحسن حال عشرين سنة أُخرى, أي أقل من ما عشته حتى الآن, أما البقية, فتشبه حالة وداع, لا يكون مسموح لك فيها أن تلعب و تشاكس, أو أن تغرق في عشوائيتك.
أُشفق على الإنسان حد أن أتصالح مع كل ألاعيبه, كيف تلوم كيانًا يولد مسروقًا من أيَّامه, مسلوبًا حق العيش بحسب ما يهوى, أو على الأقل حق فهم "ما الذي يجري هُنا أيها الناس؟" .. بشرًا تبدأ حياته ب "علي أن أرضع لأعيش" ل علي أن أتعلم و أعمل, علي أن آخذ القرار الصائب, علي أن و علي أن, بشرًا يتم اختطافه بالإلهاء و الملاحقة وراء الأشياء و المعاني و الأحلام حتى الموت.
"فرصة أُخرى, هل لي بفرصة أُخرى؟" .. أعد لي اللُعبة من البداية, فرصة واحدة, أُريد أن أنام فأستيقظ قبل أربعة و عشرون سنة, فلقد فهمت الكثير من الأشياء بعد فوات الأوان .. هل يُمكن أن أُعيد حياتي؟ .. لا يمكن, و عداد الزمن لا يتوقف, و تظل "تهبد" أيها الإنسان, "تهبد" مع "الهابدين" .. تسلى بتجربتك.
*الهَبد "مصطلح مصري شعبي" بمعنى الكلام غير ذي المعنى أو الغير مبني على المعرفة, أن تتكلم و تتصرف كما لو كنت تعرف, بينما أنت لا تعرف, و الجميع يعرف أنك لا تعرف.

View more

+ 9 💬 messages

read all

Liked by: Rahaf

Next

Language: English