بهذا القلب رأيتُني كلَّما كبرتُ صغُرَت الدنيا في عينيَّ، وكلَّما تقدَّمتُ دانيتُ أطرافها العليا فأصبحتُ أشعر حقٍّا أن هذا العمر إنما هو سُلَّم إلى السماء لا إلى غيرها..ومن هذا القلب اعتادت بعضُ سُفُن الأقدار أن تجد فيه حلقة ثابتة متينة تشدُّ إليها حبالها إذا هي أرست على شاطئ الدهر بأحمالها، فالناس يتناولون منها خِفَافا وثِقَالا، ولكن الحلقة المعذبة لا عمل لها إلا أن تهتز وترتجَّ من الألم والشدَّة والعنف.وفي هذا القلب أعرف موضعَ كل شيء إلَّا نفسي، فما أدري أهو من الضعة بحيث صارت فوق أن تنزل فيه، أم هو من السمو بحيث صار نفسًا وحدها؟ ولكنَّه على الحالين أشقاني بهذه النفس وطوَّح بي وبها في مَهَاوي الأحزان إلى قرار بعيد ..#الرافعي