قطعت شوطاً في حفظ الزاد "ولا تصح الصلاة في مقبرة.." مع أصحاب ولنا أيضا دروس أخرى نحضرها منذ مدة وأعلن عن برنامج أعجبني جدا في التأصيل العلمي كيف أوفق بين ما أنا فيه وفائدة هذا البرنامج؟؟ (إن شئتم أرسلت لكم رابطه)
الحمد لله وبعد،،
وردتني أسئلة كثيرة جوهرها ذات هذا السؤال، مع إضافات أخرى حول سؤال المنهجية في طلب العلم، وطلب المقارنة بين بعض المتون في العلم الواحد، الخ.
وطريق المنهجية في طلب العلم نُشِر حوله الكثير.
وبكل صراحة لم يعد الخطر من غياب المواد في هذا الباب، بل الخطر الحقيقي المحزن هو: وقوع كثير من المبتدئين في ما يمكن تسميته "دوّامة الترحّل"، أعني الاستغراق في المقارنة بين مسالك التأصيل ومناهج التحصيل وبرامج التكوين، والتشتت والتردد بينها.
ثم التنقل بينها بعد قطع شبر من كل طريق، حتى يمضي العمر.
وما تلقيت من أحد مثل هذا السؤال إلا وضعت يدي على قلبي خوفاً من أن يكون السائل ممن اختلسته "دوّامة الترحّل" في سؤال المنهجية في طلب العلم وتطلّب سراب المقارنات بين المتون والكتب المقررة.
اختر برنامجاً واحداً بعد الاستخارة والاستشارة، ثم سد أذنيك عن كل همس آخر حول طرائق التحصيل والتأصيل والتكوين والبناء العلمي، وحين تنتهي من متنك ودرسك ستحمد السّرى بإذن الله، وسيعض أصابع الندم كل من أرخى سمعه لإذاعات المقارنات التحصيلية.
فالمقارنات تبحث في فروق الكمال، والعازم الحازم يبني الأسس، وليس زمن الابتداء هو توقيت تتبع فروق الكمالات، وإلا صار كمن يبحث عن الحلي لذراع ينزف، هو في حاجة لضماد أولاً.
والطالب الذي يتخرج هو من يختار كلية من كليات الجامعة ويدرس فيها ويستمر حتى ينتهي، وأما من يسجل كل فصل دراسي في كلية جديدة، فهذا يمضي الزمن وهو لم يصنع شيئاً.
والفلاح الذي يزرع بذره في كل أرض ثم يستخرجه ويضعه في أرض أخرى يتفاجأ نهاية الموسم والناس قد امتلأ جرينهم بالحصاد وهو مازال يسأل عن أطيب أرض للزرع!
فـ"دوّامة الترحّل" هذه تكاد تكون أعظم مكايد الشيطان على طالب العلم المبتدئ، حتى ينقطع عن العلم ويرتكس في ظلمات الجهل، على مسلكه في أحابيله وهي "الطريقة الخطواتية" كما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}.
وقد استنبط فقيه العصر ابن عثيمين هذه المنهجية من قول الله { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه في نصيحة علمية عميقة شديدة الأهمية:
(كثير من الناس يرى المصلحة في شيء ويعزم عليه ثم يتردد فيكون مذبذباً، ويُؤْثر عن عمر بن الخطاب كلمة نافعة جداً، وهي قوله "من بورك له في شيء فليلزمه" كلمة عجيبةٌ لو توزن بالذهب لوزنته، ولنضرب لهذا مثلاً بحال طالب العلم الذي شرع في دراسة كتاب، ووجد أنه يستفيد وينتفع، فنقول له "الزم هذا وأكمله"، ولا تقل: هذا كتاب مختصر قليل، كمن شرع في مطالعة كتاب "زاد المستقنع"، ورأى فيه بركة وانتفع به، إلا أنه لم يكمله، وقال لا يكفي هذا، أريد أن أطالع "الإنصاف"، ثم قال: لا يكفي هذا، أريد أن أطالع "المغني"، هذه طريقة غير مجدية، بل إذا بارك الله لك في شيء فالزمه حتى لا يضيع عليك الوقت..، فهذه المسألة ينبغي للإنسان أن يجعلها على باله في تصرفاته في العلم وفي الدنيا أيضاً، وهذه نأخذها من قوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ})[ابن عثيمين، تفسير آل عمران، دار ابن الجوزي، ص2/374]
وضرب ابن عثيمين أيضاً مثالاً لهذه المنهجية الحازمة مع النفس في مطالعة الفهارس، وأكد الاستنباط بحديث عتبان "أين تحب أن أصلي من بيتك" فليراجع الموضع من تفسيره، وذكرها أيضاً بسياق آخر في مجموع خُطَبِه.
والله أعلم،،
وردتني أسئلة كثيرة جوهرها ذات هذا السؤال، مع إضافات أخرى حول سؤال المنهجية في طلب العلم، وطلب المقارنة بين بعض المتون في العلم الواحد، الخ.
وطريق المنهجية في طلب العلم نُشِر حوله الكثير.
وبكل صراحة لم يعد الخطر من غياب المواد في هذا الباب، بل الخطر الحقيقي المحزن هو: وقوع كثير من المبتدئين في ما يمكن تسميته "دوّامة الترحّل"، أعني الاستغراق في المقارنة بين مسالك التأصيل ومناهج التحصيل وبرامج التكوين، والتشتت والتردد بينها.
ثم التنقل بينها بعد قطع شبر من كل طريق، حتى يمضي العمر.
وما تلقيت من أحد مثل هذا السؤال إلا وضعت يدي على قلبي خوفاً من أن يكون السائل ممن اختلسته "دوّامة الترحّل" في سؤال المنهجية في طلب العلم وتطلّب سراب المقارنات بين المتون والكتب المقررة.
اختر برنامجاً واحداً بعد الاستخارة والاستشارة، ثم سد أذنيك عن كل همس آخر حول طرائق التحصيل والتأصيل والتكوين والبناء العلمي، وحين تنتهي من متنك ودرسك ستحمد السّرى بإذن الله، وسيعض أصابع الندم كل من أرخى سمعه لإذاعات المقارنات التحصيلية.
فالمقارنات تبحث في فروق الكمال، والعازم الحازم يبني الأسس، وليس زمن الابتداء هو توقيت تتبع فروق الكمالات، وإلا صار كمن يبحث عن الحلي لذراع ينزف، هو في حاجة لضماد أولاً.
والطالب الذي يتخرج هو من يختار كلية من كليات الجامعة ويدرس فيها ويستمر حتى ينتهي، وأما من يسجل كل فصل دراسي في كلية جديدة، فهذا يمضي الزمن وهو لم يصنع شيئاً.
والفلاح الذي يزرع بذره في كل أرض ثم يستخرجه ويضعه في أرض أخرى يتفاجأ نهاية الموسم والناس قد امتلأ جرينهم بالحصاد وهو مازال يسأل عن أطيب أرض للزرع!
فـ"دوّامة الترحّل" هذه تكاد تكون أعظم مكايد الشيطان على طالب العلم المبتدئ، حتى ينقطع عن العلم ويرتكس في ظلمات الجهل، على مسلكه في أحابيله وهي "الطريقة الخطواتية" كما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}.
وقد استنبط فقيه العصر ابن عثيمين هذه المنهجية من قول الله { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه في نصيحة علمية عميقة شديدة الأهمية:
(كثير من الناس يرى المصلحة في شيء ويعزم عليه ثم يتردد فيكون مذبذباً، ويُؤْثر عن عمر بن الخطاب كلمة نافعة جداً، وهي قوله "من بورك له في شيء فليلزمه" كلمة عجيبةٌ لو توزن بالذهب لوزنته، ولنضرب لهذا مثلاً بحال طالب العلم الذي شرع في دراسة كتاب، ووجد أنه يستفيد وينتفع، فنقول له "الزم هذا وأكمله"، ولا تقل: هذا كتاب مختصر قليل، كمن شرع في مطالعة كتاب "زاد المستقنع"، ورأى فيه بركة وانتفع به، إلا أنه لم يكمله، وقال لا يكفي هذا، أريد أن أطالع "الإنصاف"، ثم قال: لا يكفي هذا، أريد أن أطالع "المغني"، هذه طريقة غير مجدية، بل إذا بارك الله لك في شيء فالزمه حتى لا يضيع عليك الوقت..، فهذه المسألة ينبغي للإنسان أن يجعلها على باله في تصرفاته في العلم وفي الدنيا أيضاً، وهذه نأخذها من قوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ})[ابن عثيمين، تفسير آل عمران، دار ابن الجوزي، ص2/374]
وضرب ابن عثيمين أيضاً مثالاً لهذه المنهجية الحازمة مع النفس في مطالعة الفهارس، وأكد الاستنباط بحديث عتبان "أين تحب أن أصلي من بيتك" فليراجع الموضع من تفسيره، وذكرها أيضاً بسياق آخر في مجموع خُطَبِه.
والله أعلم،،
Liked by:
ㅤ
آمنہ.
Salah Salama
مُ
الجوهرة
Yassine Hachim
Abdullah
أروى..
زيد
abokald