كيف تعرف أنك واقع في الحب؟
" و للحب علامات يقفوها الفطن، و يهتدى إليها الذكي.
فأولها إدمان النظر، و العين باب النفس الشارع، و هي المنقبة عن سرائرها، و المعبرة لضمائرها، و المُعربة عن بواطنها، فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب، و ينزوي بإنزوائه، و يميل حيث مال كالحرباء مع الشمس.
و منها الإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه، و التعمد للقعود بقربه، و التباطؤ في المشي عند القيام عنه
و في ذلك أقول شعراً :
و إذا أقمت عنك لم أمش إلا .. مشىَ عان يقاد نحو الفناء
في مجيئ إليك أحتث الكبد .. ر إذا كان قاطعا للسماء
و قيامي إن قمت كالأنجم العا .. لية الثابتات في الإبطاء.
و منها بهت يقع، و روعة تبدو على المحب عند رؤية من يحب فجأة، و طلوعة بغتة.
و منها إضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه، أو عند سماع اسمه فجأة.
وهذه العلامات تكون قبل استعار نار الحب و تأجج حريقه، و توقد شعله، و استطارة لهبه، فأما إذا تمكن و أخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث سرارا و الإعراض عن كل ما حضو إلا عن المحبوب جهارا.
و لي أبيات جمعت فيها كثيرا من هذا العلامات، منها :
أهوى الحديث إذا ما كان يُذكر لي .. فيه و يعبُق لي عن عنبر أرج
إن قال لم أستمع ممن يجالسني ..إلى سوى لفظه المستطرفِ الغُنُجِ
و لو كان أمير المؤمنين معي .. ما كنت من أجله عنه بمنعرج
فإن أقم عنه مضطرا فإني لا .. أزال ملتفتا و المشيُ مشيُ وجيِ
عيناى فيت و جسمي عنه مرتحل .. مثل ارتقاب الغريق البر في اللجج
و أغصُّ بالماء إن أذكُر تباعدهُ .. كمن تثائب وسط النقع و الوهج
و إن تقُل : ممكن قصد السماء أقل : .. نعم و إني لأدري موضع الدَّرج"
من كتاب طوق الحمامة - ابن حزم
فأولها إدمان النظر، و العين باب النفس الشارع، و هي المنقبة عن سرائرها، و المعبرة لضمائرها، و المُعربة عن بواطنها، فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب، و ينزوي بإنزوائه، و يميل حيث مال كالحرباء مع الشمس.
و منها الإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه، و التعمد للقعود بقربه، و التباطؤ في المشي عند القيام عنه
و في ذلك أقول شعراً :
و إذا أقمت عنك لم أمش إلا .. مشىَ عان يقاد نحو الفناء
في مجيئ إليك أحتث الكبد .. ر إذا كان قاطعا للسماء
و قيامي إن قمت كالأنجم العا .. لية الثابتات في الإبطاء.
و منها بهت يقع، و روعة تبدو على المحب عند رؤية من يحب فجأة، و طلوعة بغتة.
و منها إضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه، أو عند سماع اسمه فجأة.
وهذه العلامات تكون قبل استعار نار الحب و تأجج حريقه، و توقد شعله، و استطارة لهبه، فأما إذا تمكن و أخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث سرارا و الإعراض عن كل ما حضو إلا عن المحبوب جهارا.
و لي أبيات جمعت فيها كثيرا من هذا العلامات، منها :
أهوى الحديث إذا ما كان يُذكر لي .. فيه و يعبُق لي عن عنبر أرج
إن قال لم أستمع ممن يجالسني ..إلى سوى لفظه المستطرفِ الغُنُجِ
و لو كان أمير المؤمنين معي .. ما كنت من أجله عنه بمنعرج
فإن أقم عنه مضطرا فإني لا .. أزال ملتفتا و المشيُ مشيُ وجيِ
عيناى فيت و جسمي عنه مرتحل .. مثل ارتقاب الغريق البر في اللجج
و أغصُّ بالماء إن أذكُر تباعدهُ .. كمن تثائب وسط النقع و الوهج
و إن تقُل : ممكن قصد السماء أقل : .. نعم و إني لأدري موضع الدَّرج"
من كتاب طوق الحمامة - ابن حزم