إن أحدنا لو قَعَد يمارِسُ أحزانه يومًا بعدَ يومٍ لصرعَتْه. أجلْ! وإنَّ الحزن ليهجم على النفْس كالسَّبُع الضَّارِي، حتى إذا غَبَر إليها وقَف يستأنِس متلفِّتًا يُرِيد ما يختلج أو يتحرَّك، فما هو إلا أن يُهوِي إليه فيبطِش به، أو ينشِب فيه براثنه ينفُضه ثم يُقَضقِضُه حتى يهمَد، وإذا خُلِّي السَّبُع لا يُذَاد ولا يُطْرَد يبقَى حتى يتأبَّد ويستوحش. ولا يزال على عادته يستمرئ كلَّ ساعة فريسته يغمس في دمها أو يَلِغُ، ثم لا يكفُّ حتى تكفَّ الحياة عمَّا ينبض أو يتنفَّس.• جمهرة مقالات الأستاذ محمود شاكر.