في كُل مرة كُنّا نختلف فيها، كان الحبُ حاضرًا، فتتحول شجاراتنا إلىٰ ضحكات، إلىٰ أحضان ربما، لكن في آخر خلافٍ دار بيننا، لم يكن الحبُ حاضرًا لينقذنا، غاب الحبُ، فاِنتصر المنطق، تبادلنا العتاب بطريقة مُؤذية، ثم تبادلنا الصمت فلم نعد كما كُنا، وربما لن نعود- رسائل كافكا لميلينا
أن تنتبه للحب وهو ينفلت منك، كأن تراقب إيمانك وهو يتلاشى، لحظات شجاعة وذكاء وسخرية إستثنائية جدًا، حتى أنك تستهلك وقتًا طويلًا لتعترف أمام نفسك أن ذلك يحدث فعلًا، أنك ترى العالم دون هيبته، وتنتبه لكل التفاصيل التي أغفلتها، كل ما يجعل من تحب شبيهًا بالآخرين، تنتبه للنمط الذي أغفلته لصالح إستثنائية كنت متيقنا منها، الآن تدرك، أن لكل منكم طريقه، حتى طريقتها الساحرة في نطق جملة بعينها، تكتشف أنك سمعتها بنفس الطريقة مرات عديدة، الإدراك نفسه يحز في نفسك، كأنك تسب صديقًا قديمًا في حضرة أعدائه، لكن هذه السخرية العميقة بمجرد حدوثها لا يمكنك التراجع عنها، تشعر بالقوة لأنك تحطم شيئًا عزيزًا عليك، وبالذنب لتحطيمك إياه، لن يكون بوسعك أن تحب مرة أخرى هكذا يردد صوت روحك، كما لا يمكنك أن تؤمن ثانية، لكن هذه المرة، كنت أكثر خبرة، أكثر احترازًا وأقل تورطًا، ومستعداً للإنسحاب عند أول إشارة لتَهَدُم العالم الجديد، ليس الحب أكثر وطأة لأنه أكثر أصالة، هو أكثر وطأة لأنه يخترقك دون دفاعات، ولأنك تصمد طويلًا قبل أن تكتشف أن الإنسحاب ليس عارًا يجب تجنبه، وأن الدهشة لا يمكن إعادة تخليقها بالقوة، وأن مقاومتك اليائسة تزيد من قسوة الإنسحاب لكنها لا توقفه، وأن الحبل الذي لا تدعه يفلت منك يلتف حولك وحول من تحب،وكلما شددته أكثر كلما شعرت بالإختناق، الإختناق الذي تفسره مخطئًا أنه نتيجة للإنسحاب لا المقاومة.