@mohammadtaq

محمد طقاطقة

❤️ Likes
show all

What others replied to:

تابعتك

show all (8)

شكرا 🍁
كيف خرجت من غيابة الجب..
##
قبل أي شيء.. أود أن أوضح أنني من الأعداء اللدودين لفكرة إخراج المارد الكامن في داخلك.. وتحضير التفاؤل من عدم كما تحضّر الأرواح.. ولم أؤمن يوما أن معرفة مصائب الآخرين تقلل من شعوري بمصائبي, أو أنه يمكنني أن أتجاهل ألم ضرسي الملتهب لأن لدي ثلاثين ضرسا آخر بحالة جيدة.. ولم تقنعني الدعوات الفضفاضة والمطاطة حول أهمية العودة إلى الله كحل للاكتئاب, دون أي توضيح إضافي عن ماهية تلك العودة وكيف لها أن تساعدك.. وأقول هذا طبعا دون أن يمس ذلك من إيماني شيئا..
بعد هذه المقدمة الضرورية.. أكتب هنا اليوم عن تجربتي الشخصية البسيطة في الخروج من بئر الاكتئاب الذي جلست فيه طويلا.. وكوني لست متخصصا بعلم النفس.. فبالتالي لا يمكن اعتبار ما أكتبه هنا حلا علميا أو وصفة سحرية.. بقدر ما هو تجربة شخصية قد تفيد شخصا تشابه ظروفه ظروفي, وقد لا تفيده.. لكنني أجد من الضروري نشرها.. من أجل نفسي أولا قبل أي شيء آخر..
موجة الاكتئاب هذه بدأت منذ عامين تقريبا - وبالطبع سبقتها موجات أخرى- لكن هذه كانت الأعنف والأطول.. ولتجنب الوقوع في فخ الاستعطاف والشخصنة.. فلن أذكر تفاصيل شخصية عما أدى بي للدخول في هذه الأزمة.. لكن يمكنني القول بشكل عام, أن الأمر بدأ بخسارة شبيهة بالخسارات التي يتعرض لها الناس في حياتهم.. الخسارة كانت كبيرة.. وغادرة نوعا ما.. لكنها لم تكن كافية لتحطيمي.. قلت لنفسي أن الإنسان يجب عليه أن يستمر.. ومكسب هنا يوازي خسارة هناك.. وما إلى ذلك من الجمل التي نواسي بها أنفسنا لنكمل المسيرة.. ومضيت في طريقي فعلا.. لكن مع حدوث مشكلة أخرى.. اتضح لي كم النزيف الداخلي الذي تسببت به خسارتي الأولى.. كانت مناعتي ضد الألم قد تضررت كثيرا.. وتنامى الغضب في داخلي بطريقة لم يكن لي أن أتخيلها.. لتتداعى بعدها الأمور كأحجار الدومينو.. بحيث أن أصغر أمر يحدث كان يخرجني عن طوري تماما.. وكما المخدر.. بدأت أسير في الحياة بعيون زائغة.. أنزف صبري وأعصابي يوما بعد يوم.. حتى أتت تلك اللحظة الفارقة.. حين قصمت قشة صغيرة ظهر بعيري.. ووجدتني أجلس صامتا على الأرض.. أحدق بكل بلاهة ولا مبالاة في مفاصل حياتي وهي تنهار مفصلا تلو الآخر.. فاقدا الرغبة حتى في إنقاذ ما يمكن إنقاذه..
التأثيرات النفسية طبعا كانت عميقة جدا.. عزلة وانعزال.. غضب لا نهائي.. شعور طاغ بالمظلومية.. استعجال ليوم القيامة ووضع موازين القسط.. كره عميق للبشرية جمعاء.. وغيرها من الأفكار التي ملأتني تماما بحيث لم أستطع التفكير في أي شيء آخر.. وعلى الرغم من مظهري الخارجي الهادئ.. إلا أن آلاف الأصوات والأسئلة كانت تتردد بشكل دائم في داخلي.. مقللة حجم تواصلي مع الناس إلى الحد الأدنى.. بل ووصلت الأمور في النهاية إلى أنني أصبحت حتى عاجزا عن إجراء حوار لأكثر من دقيقة مع أيا كان.. وفي أحيان.. عاجز عن سماع كلمة واحدة.. وإذا ما أصر الشخص المقابل على قولها أنفجر في وجهه.. وصارت الحياة ثقيلة جدا وكأنني أسبح داخل بركة لزجة من القطران.. ناهيك طبعا عن المحاولات الدائمة للهروب من العالم عبر النوم نهارا والسهر ليلا.. والانعزال ما أمكن ذلك..
وإن جاز لي أن أصف ما حدث لي وقتها.. فسأقول أنني كنت فعليا كمن سقط في بئر عميق.. لكن لا يراه الآخرون.. بئر مظلم عميق ذو جدران اسطوانية ملساء.. ويستحيل علي الخروج منه.. لا فائدة أصلا من محاولة تسلق الجدران.. وهذا كان أصعب ما يواجهني كشخص مكتئب.. أن الآخرين لا يرون ذلك البئر.. يقولون لك بكل براءة.. انهض.. تحرك.. اترك كل شيء وراء ظهرك.. لكن أنت تعرف أنك مسجون داخل ذلك البئر.. وصحيح

View more

Language: English