"يكوي قلبي هذا الصّمت الذي نمى بيننا، وتؤذيني الرّسائل الموجزة، التي تنتقل من هاتفك إلى هاتفي بإهمال فظيع لتزيد الأمور تعقيدًا.
أفكّر لماذا لا تقطع هذا الوصل من جذوره؟ ولماذا تصرّ على إحراقنا بهذه الطريقة، لماذا لم تتعلّم مرّة واحدة ألّا تدير وجهك وأنت ماضٍ، لماذا لا تترك لنا ما تبقّى من العُمر لنذق مرّة طعم السّلام مذ تعارفنا، ودون أن نعيش على الاحتمالات. لماذا لا تتيح لنا فرصة تبنّي الاحتمال الأصعب على الإطلاق، وهو أن يمضي أحدنا من حياة الآخر إلى أبد الآبدين دون أن تحاول متوسّلاً فتح الأبواب الموصدة؟ وكم أنّك تجيد التوسّل، وكم أنّ تذاكر الغفران لديّ لا تنفذ.
أبكي لأنني بقيت صامدة مدة طويلة، وما أن نكزني الفراق، خارت كلّ قواي، وأبكي لأنّ تلك طريقة مُثلى لأعبّر عن رفضي لهذه النّهاية.
أبكي عمري الذي انفلت بغزارة من بين يدي، لكنّها المشاعر هي من تسبق كلّ شيء، وإن أرادت أجّلت قرارتنا ما استطاعت حتّى ترانا مستسلمين أخيرًا، مهزومين بفعل الحبّ الذي خُلق ليكون منتصرًا على الدوام، لكن الحقيقة بالضّبط، تكمن بمحاولاتنا، التي لم ترتقِ لتسمّى محاولات.
إنّها أيّام يتمنّى المرء لو أنّها لا تُحسب في عدّاد العُمر، لثقلها .. لاستلقائها فوق الصدر دون رحمة، وكم من الأشياء تغيّرت بفعل الصّمت والإهمال، مثل وجهك .. وجهك الذي كان طمأنينتي، يبدو مفزعًا، غريبًا ..كأنّني ما احتميت يومًا بوداعته."
View more