في عمله يرتدي عشرة أقنعة كلها مثالية، في الشارع والجلسات العامة، يرتدي سبعة أقنعه من الذوق والأدب، مع الأقرباء والأصدقاء يرتدي خمسة أقنعة تغنيه بالاحترام والقبول، مع الأهل يرتدي ثلاثة أقنعة للبر والمودة والاحترام، في الغرفة يقف عاريا بكل بساطته وعفويته وآراءه الساذجة، و وجهة نظره الغريبة وتصوره للإله وكيف يربي علامات السؤال في الأديان، يقضم أظافره من مقابلة عمل غدا عليه أن يشع فيها ثقة، يلعن الحنين ويبكي على محبوب خذله بعد أن رد عودته صباحا بكل كبرياء، يعض شفاهه ندما على رد مناسب كان من المفترض أن يرده، يخجل من ردة فعل غريبة حدثت دون تفكير، يعد على أصابعه بغيض ماذا سيفعل لو دارت الأقدار وصار مدير للمدير، ينام على بطنه كما يحب وكما امه لا تحب، يعد الخراف على وسادته وهي تبول على ظنونه في الأشخاص، يشاهد برامج الكرتون ويسمع أغنية لا تستاطب من أهل البيت، يبحث عن أفلام قديمة يعيد مشاهد القبلات والاحضان التي فاتته حين مر أحد في غرفة الجلوس، يبحث عن موسيقى تبكيه، يعود لمحادثات اصبحت بعيدة في قائمة الرسائل يكتب " مرحبا " يحذفها يكتب " كيفك" يحذفها يخرج من المحادثة مسرعا كأن وراءه كلب بوليسي. علاقتنا مع غرفنا تتجاوز جدران الأسمنت الصلبة مرة تصير توابيت مقفلة، ومرة طائرة تسافر بنا، وأحيانا بحر من الدموع، وأخرى سكين يمشط قلوبنا، نتكور فيها كما نشاء ونخبىء فيها ما نشاء وندفن الكثير من الكلام و الاعترافات والخطايا بين الستائر وتحت الفراش. نحب غرفنا لانها الحجرة الخارجية الخامسة من القلب، لربما يمكن القول أن الإنسان يخلق في رحمين، رحم أمه و غرفته. نور أبو سلمى