الْخَيْرُ باقٍ في هذه الأُمَّةِ لا يَنقطِعُ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ، وفي هذا الحديثِ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن هذه الأُمَّةِ أنَّها لا تَزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ، وهذه الطَّائفَةُ مُعانَةٌ مِنَ اللهِ مَنصورةٌ على مَن خَذَلها وحَاربَها، والهَزيمَةُ والخِذلانُ عَاقبةُ مَن حارَبَها أو عارَضَها، وقد بَشَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ هذه الطَّائفةَ ستَكونُ كذلِك على أمرِ اللهِ مُستمسِكين، وبه قائِمينَ حتَّى يَأتيَ أمرُ اللهِ، وهي الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَكونُ قبلَ قيامِ السَّاعةِ تَقبِضُ أَرواحَ المؤمنينَ.
وقد اختُلِفَ في المقصودِ بهذِه الطَّائفةِ، وكذلك اختُلِف في مكانها؛ فقيل: هُم العُلماءُ والفقهاء، وقيل: هُم أصحابُ الحديثِ، وقيل: هُم المُجاهِدُون في سَبيلِ اللهِ تعالى، وقد ورَدَ أنَّهم بالشَّام، وأنَّهم ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدس، وورَد أنَّ آخِرَهم بِبيتِ المقْدِسِ، والأولى الجَمْعُ بين هذه الأقوال كلِّها بأنَّ هذه الطَّائفةَ تكون مُتناثِرةً بَينَ طَوائفِ الأُمَّةِ؛ فَمنَ المُمكنِ أن يَكونوا مِنَ العُلماءِ والمُجاهِدين والفُقهاءِ والآمِرين بالمَعروفِ والنَّاهينَ عنِ المُنكرِ، وقَدْ يَكونون مُجتمِعينَ في مَكانٍ أو مُتفرِّقينَ في البُلدانِ.
والحديثُ آيةٌ على صِدقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه مُنذُ أخبَرَ بذلكَ وهذه الطَّائفَةُ لا تَزالُ مَوجودَةً في الأُمَّةِ لم تَنقَطِعْ في زَمانٍ منَ الأزمنَةِ.
وفي الحديثِ: فَضلُ الثَّباتِ على الحقِّ والعملِ به.
وفيه: فَضلُ لُزومِ هذِه الطائِفةِ؛ فإنَّهم مَنصورونَ مُعانونَ.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.View more
في هذا الحديثِ يُخبِر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَفضلَ المُسلمينِ وأَرفَعَهم ذِكرًا وأَعلاهُم عِندَ اللهِ دَرجةً مَن تَعلَّمَ القُرآنَ؛ تِلاوةً وحِفظًا وتَرتيلًا، وتَعلَّمَه؛ فِقهًا وتَفسيرًا، فأصبَح عالِمًا بمَعانيه، فَقيهًا في أحكامِه، وعلَّم غيرَه ما عِندَه مِن عُلومِ القُرآنِ مَع عَملِه به، وإلَّا كانَ القُرآنُ حُجَّةً علَيه.
فخَيرُ النَّاسِ مَن جَمَعَ بينَ هَذينِ الوَصْفين؛ مَن تعلَّم القُرآنَ وعلَّم القُرآنَ، تَعلَّمه مِن غيرِه وعَلَّمه غيرَه.
وفي الحديثِ: بَيانُ شَرفِ القُرآنِ وفَضلِ تعلُّمِه وتعليمِه.
وفيه: بيانُ فَضلِ حامِلِ القُرآنِ ومُعلِّمِه، وأنَّه خيرُ المُؤمنينَ؛ لأنَّه أعظَمُهم نَفعًا وإفادةً.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.
زكاةُ الفِطْرِ مِن العِباداتِ الَّتي مَنَّ اللهُ سبحانه وتعالى بها علَينا؛ طُهرةً وكفَّارةً لِما قد يقعُ للصَّائمِ مِن نُقصانٍ في شهْرِ رمضانَ، وطعمةً للمساكين من المسلمين، ولها وقتٌ مُحدَّدٌ تُؤدَّى فيه، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: فرَضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم زكاةَ الفطْرِ "طُهْرَةً للصَّائمِ"، أي: تُطهِّرُه "مِن اللَّغوِ"، يَعني: مِن الكلامِ الباطِلِ، "والرَّفَثِ"، وهو القوْلُ الفاحِشُ، وتَكونُ "طُعمَةً للمَساكينِ"، أي: إطعامًا للفُقراءِ، "مَن أدَّاها" وأخرَجَها إلى مَن يستحِقُّها قبْلَ صلاةِ العيدِ "فهي زكاةٌ مَقبولةٌ"، ويُثابُ عليها، "ومَن أدَّاها" بعد صلاةِ العيدِ "فهي صدَقةٌ مِن الصَّدقاتِ" وليسَت بزكاةِ فِطْرٍ، وزكاةُ الفِطْرِ يُخرِجُها الغَنيُّ والفقيرُ الذي عنده ما يَفيضُ عن قُوتِ يومِه وليلتِه، عن نفْسِه وعمَّن يَعولُهم؛ لأنَّ سبَبَها الصَّومُ وليستْ كالزَّكاةِ السَّنَويَّةِ.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.View more
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ }
رواه البخاري.
يَحكي أبو هُرَيرَة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: مَن عادى؛ أي: آذَى، لي وليًّا، وهو مَن يتولَّى اللهُ سبحانه وتعالى أمْرَه ولا يَكِلُه إلى نفْسه لحظةً، بل يتولَّى الحقُّ رعايتَه، أو هو الذي يتولَّى عبادةَ الله وطاعته، فعباداته تَجري على التَّوالي من غير أنْ يتخلَّلها عصيان، فقد آذنتُه أي: أعلَمتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه؛ أي: أوجبتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنَّوافل مع الفرائض كالصَّلاة والصِّيام؛ حتى أُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يَسمَع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطِش بها، ورِجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه ما سأل، ولئنِ استعاذني لأُعيذنَّه ممَّا يخاف، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعله تردُّدي عن نفْسِ المؤمن؛ وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة، ولا من أجل الشك في القدرة على فعل الشيء، بل هو من أجل رحمة هذا العبد المؤمن، ولهذا قال في نفس الحديث)): يكره الموت، وأكره إساءته، ولابد له منه (؛ يَكره الموت؛ لِمَا فيه من الألمِ العظيم، وأنا أكره مَسَاءَتَهُ؛ لِمَا يَلْقَى المؤمن من الموتِ وصُعوبته.
في الحديث: النَّهي عن إيذاء أولياء الله.
وفيه: التَّرغيب في حبِّ أولياء الرَّحمن، والاعتراف بفضلهم.
وفيه: أنَّ أحبَّ الأعمالِ فِعلُ الفرائض، وأفضلُ القُرُبات بَعدَها فِعلُ النَّوافل.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.View more
السَّاعِي على الأَرملةِ والمسكينِ هو الَّذي يقومُ بمصالِحهما ومُؤنتِهما وما يَلزمُهما، والأرملةُ الَّتي مات عنها زوجُها، والمسكينُ الَّذي ليس له مِنَ المالِ ما يَسُدُّ حاجتَه، وقدْ أخبر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ أنَّ السَّاعيَ عليهما له مِثلُ أجرِ المجاهدِ في سبيلِ اللهِ، أو مِثلُ أجرِ القائمِ ليلَه، أوِ الصَّائمِ نهارَه؛ فينبغي على مَن عجَزَ عَنِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ وعنْ قيامِ اللَّيلِ وصيامِ النَّهارِ أنْ يَعملَ بهذا الحديثِ، وَلْيَسْعَ على الأراملِ والمساكينِ؛ لَيُحشرَ يومَ القِيامةِ في جملةِ المجاهدِينَ في سَبيلِ الله دُونَ أن يَخطوَ في ذلك خُطوةً، أو يَلْقَى عَدوًّا يَرتاعُ بِلقائِه، أو لِيُحشرَ في زُمرةِ الصَّائِمينَ والقَائِمينَ وينالَ دَرجتَهم وهو طاعِمٌ نهارَه نائمٌ ليلَه أيَّامَ حياتِه، فيَنبغي لِكلِّ مؤمنٍ أنْ يحرصَ على هذه التِّجارةِ الَّتي لا تبورُ، ويَسعى على أرملةٍ أو مسكينٍ لِوجهِ اللهِ تعالى فَيربحَ في تجارتِه درجاتِ المجاهدِينَ والصَّائمِينَ والقائمِينَ مِن غيرِ تَعبٍ ولا نَصَبٍ، وذلك فضلُ اللهِ يُؤتيهِ مَنْ يشاءُ.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.View more
اللهُ سُبحانه وتعالَى حَليمٌ رَحيمٌ بعِبادِه، يُحِبُّ لهم الخيرَ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن أراد به اللهُ خيرًا عَظيمًا، ونفْعًا كثيرًا، يُفقِّهْهُ في الدِّينِ، فيَمنَحْه العِلمَ الشَّرعيَّ الَّذي لا يُدانيه خَيرٌ في هذا الوُجودِ في فضْلِه وشرَفِه، وعُلوِّ درَجتِه؛ لأنَّه مِيراثُ الأنبياءِ الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَه، وجاء قولُه: «خَيرًا» نَكِرةً؛ ليَشمَلَ القَليلَ والكثيرَ، والتَّنكيرُ للتَّعظيمِ أيضًا؛ لأنَّ المَقامَ يَقتضيهِ.
وفي الحديثِ: فَضْلُ العِلمِ، وفضْلُ تعلُّمِه، وأنَّ العِلمَ الشَّرعيَّ أشرفُ العُلومِ إطلاقًا؛ لعَلاقتِه باللهِ عزَّ وجلَّ.وفيه: أنَّ الفِقهَ في الدِّينِ مِن عَلامات خَيريَّةِ المسلِمِ.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.
يُبيِّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ القَتْلَ في سَبيلِ الله يُكفِّر كلَّ شيءٍ، أي: يكونُ سببًا لتَكفيرِ كلِّ شيءٍ مِنَ الخَطايَا عن المقتولِ؛ إلَّا الدَّيْنَ، وذلك لأنَّ دَيْنَ الآدَمِيِّ لا بُدَّ مِن إيفائِه إمَّا في الدُّنيا وإمَّا في الآخِرَةِ؛ ولا يَنبغِي للإنسانِ أنْ يَتساهَلَ في أمرِ الدَّيْنِ.
في الحديثِ: تَنبِيهٌ على جَميعِ حُقوقِ الآدَمِيِّينَ، وأنَّ الجهادَ والشَّهادَةَ وغيرَهما مِن أعمالِ البِرِّ لا يُكفِّر حُقوقَ الآدَمِيِّينَ، وإنَّما يُكفِّر حُقوقَ الله تعالى.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.
أمَر الإسلامُ بالتَّوسُّطِ في كلِّ الأمورٍ، كما أمَرَ بعَمَلِ الطَّاعاتِ بقَدْرِ الاستطاعةِ دونَ تكلُّفٍ أو تشدُّدٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ ثَوبانُ رضِي اللهُ عَنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "استَقيموا"، وهذا أمرٌ بالاستِقامةِ على الطَّريقِ المستقيمِ طريقِ الهُدى، ورُوي في تفسيرِ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] أنَّ الاستِقامَةَ هي الإقامةُ عَلى قَولِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، بِإيفاءِ حَقِّه، وأداءِ أوامِرِه، والانتِهاءِ عمَّا نَهى عنْه، والرِّضا بما يَكونُ مِنه، ويَحتمِلُ أن يَكونَ مَعنَى قَوْلِه: "اسْتَقيموا"، عَلى ما أقرَرْتُم في الذَّرِّ الأوَّلِ حينَ أجَبتُم رَبَّكم عزَّ وجلَّ بقَولِكم حين قال لَكم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}، أيِ: اسْتَقيموا عَلى قَولِكم: "بَلى"، "ولَن تُحْصوا"، أي: ولن تَستطيعوا أن تَعُدُّوا وتَستكمِلوا كلَّ وُجوهِ الخيرِ والطَّاعات، بِحَولِكم وقُوَّتِكم، ولا بِاجتِهادِكم واسْتِطاعَتِكم، بل لنْ تُطيقوه، وأحرى ألَّا تُطيقوهُ، وإنْ بَذَلتم مَجْهودَكم. وقيل: المعنى لَن تُحْصوا ثَوابَها، وكلُّ ذلك يتَطلَّبُ الاستقامةَ مع الاستعانةِ باللهِ وحُسْنِ الرَّجاءِ فيه مع الخوفِ مِنه.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "واعْلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصَّلاةُ"؛ لِما فيها مِن الإقبالِ على اللهِ والخُشوعِ والتَّذلُّلِ له بالوجهِ والأعضاءِ والجَوارِحِ خاشِعةً للهِ، وهي مِن أفضَلِ الأعمالِ، وأتَمِّها دَلالةً عَلَى الاسْتِقامَةِ، والانقِطاعِ إليه عَمَّا سِواه، والإقبالِ عَلَيه، والانصِرافِ عمَّا سِواه، والاشتِغالِ بِه عمَّن دونَه، "ولا يُحافِظُ على الوضوءِ إلَّا مؤمِنٌ"، أي: ولا يُحافِظُ مُسلِمٌ على إدامةِ الوضوءِ والطَّهارةِ مِن الحَدَثِ، إِلَّا وقد اكتَمَل إيمانُه وتصديقُه؛ لأنَّ الوضوءَ من أشرفِ الطاعاتِ، وفيه مَشقَّة ، وخاصَّةً في الشِّتاءِ وفي حِينِ الشُّغلِ؛ فلا يحافظُ عليه إلا مُصدِّقٌ باللهِ وبرسُلِه وبفَضيلةِ ما أُمِرَ به.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الاستِقامةِ على الطَّريقِ المستقيمِ معَ طلَبِ العونِ مِن اللهِ.
وفيه: أنَّ المحافظةَ على الوضوءِ مِن شِيَمِ المؤمِنين.
وفيه: أنَّ المحافظةَ على الصَّلاةِ مِن أفضَلِ الأعمالِ الدَّالَّةِ على الاستقامةِ.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.View more
العَشرُ الأَواخِرُ مِن رمضانَ هِي خَيرُ لِيالي السَّنةِ؛ فيها لَيلةُ القَدْرِ، وهي خيرٌ مِن ألْفِ شَهْرٍ، كما أخبَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ في مُنزَلِ كِتابِه؛ ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجتهِدُ جِدًّا في عِبادةِ رَبَّهِ سُبحانَه في هذه اللَّيالي، ويَحثُّ أهْلَه على ذلِك.
وفي هذا الحَديثِ تُبيِّنُ عائشةُ رضِي اللهُ عنها حالَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذه العَشْرِ مِن اجتِهادِه في العِبادةِ وحثِّ أهْلِه عليها، فتقولُ: «كان إذا دخَلَتِ العَشرُ الأَواخرُ مِن رمضانَ» ويكونُ بِدايةُ تلك العشْرِ مِن لَيلةِ الحادي والعِشرينَ، «شَدَّ مِئزرَه»، وهو ما يُلبَسُ مِنَ الثِّيابِ أسْفلَ البدَنِ، وهذا إشارةٌ إلى اعتِزالِ النِّساءِ في الفِراشِ وعَدمِ مُجامَعتِهنَّ، أو يَحتَمِلُ أنْ تُريدَ به الجِدَّ في العِبادةِ؛ فإنَّه يُقالُ: شَدَدْتُ في هذا الأمرِ مِئزَري، بمَعْنى: تَشمَّرْتُ له وتَفرَّغْتُ، «وأحْيا لَيلَه»، بِالسَّهرِ للعِبادةِ، «وأيقظَ أهلَه»؛ لِيُصلُّوا مِن اللَّيلِ، وهذا مِن تَشجيعِ الرَّجُلِ أهلَه على أداءِ النَّوافلِ والعِباداتِ، وتَحصيلِ خَيرِ تلك الأيَّامِ.
وفي الحديثِ: أنَّ اغتِنامَ أوقاتِ الفَضْلِ يَحتاجُ إلى عزْمٍ وصَبْرٍ ومُجاهَدةٍ للنَّفْسِ.
شرح الحديث: موقع الدرر السنية.View more
طَلَب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن أَبي ذرٍّ أنَّه إذا طَبَخَ مَرَقةً فلْيُكثرْ مِن مائِها، أي: عَلى المُعتادِ لنَفسِه؛ وذلكَ ليُكثرَ الائتِدامَ بِها؛ وليَتعاهدَ جِيرانَه، أي: يَتفقَّدَهم بزِيادةِ طَعامِه.
في الحديثِ: الحَضُّ عَلى تَعاهُدِ الجِيرانِ وَلو بالقَليلِ، لِمَا يَترتَّبُ عَلى ذلكَ منَ المَحبَّةِ والأُلفَةِ، ولِمَا يَحصُلُ بِه منَ المنفَعَةِ ودَفعِ المَفسدَةِ.
شرح: موقع الدرر السنية.