@abdulrahmannagy1
فِكرةُ الانتحار لا تُفارق ذِهني، كُلما مرت عليَّ ضائقة شعرتُ كأنَّ نفسي تُحدثُنِي والشيطانُ يهمسُ لِي قَائِلَين قُمْ الآن وانتحر فلا فائدة مِن الصبر، ماذا بعد الصبر هل ستُعوض عن كل ما فقدت! هل ستحيا أفضل مما عشت سابقاً! هل سبق لك ورأيت أحداً من الأشقياء التُعساء تَغَيرَ حالهم إلى الأفضل وأُنِيرتْ حياتهم بِالبهجة والسرور! أجِبنا هل حدث كل ذلك! فإن لم تُجبنا فإنَّا ها هُنا قاعدون، لن نَمَلَّ ولنْ نَكَلْ حتى تستجيب لوسوستنا وتخضع لنا فتُصْبِحُ أسير معتقلنا، وأنا لا أعلم كيف أتغلبُ على هَاتَينِ الروحين الشريرتين، أَوَ لم يقل حبيبنا صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فالشيطان في عقلي لا يُفارق تفكيري كلما جلست أفكر وجدته يرمي في عقلي ما لا أُريد، فإن كان كيدُ الشيطانِ ضعيف ويُمكن التخلص منه بالاستعاذة بالله العلي العظيم، فإنَّ كيد النفس أقوى ولا تُخْمَدُ نِيرانُ النفسِ بِسهولة وإنما بالتحصن بالله والتقرب منه ودعوته أن يعينك على نفسك، فإني تركت نفسي لِنفسي حتى صِرتُ أسير نفسي، وما بِاليد حيلة إلا أن أتضرع لربي قائلاً أعِنِّي عليَّ فإني عدوي وأنت عليم بكل الخَفايا، دعوة جميلة قرأتها ذات مرة ومِن وقتها وأنا أرددها دائماً، فما أجمل أن يتغلب المرء على نفسه بَدَلَ أن تتغلب عليه، قد يسألني أحدهم كيف لا تستطيع التغلب عليهما مع أن القرآن الكريم والسنة النبوية فيهما من الإجابات ما يكفي ويشفي ويُسْكِتُ هذا الضجيج بداخلك، حسناً أنا أعلم ذلك ولكن تأتي عليَّ أوقاتٌ كأن عقلي شُلَّ تماماً عن التفكير، حينها أشعر أني لا أعلم أي شيء، وكأنَّ ما حَفِظْتُهُ مِن كتاب الله وسنة نبيه قد نسيته تماماً، لعل هذا بسبب بُعدي عَنِ الله فأَسْلَمَنِي لِهوى نفسي، ولكن الله لم يَتَخَلَّ عني تماماً؛ ففي أوقات الظلام عندما أتوه في ظلمات نفسي وأرى أنه لا جدوى من المقاومة حينها أشعر كأنما وقع إلهامٌ على قلبي وأن الله يأخذ بيدي وينتشلني من الضياع ويُنقذني من شرور نفسي، صَدَقَ حبيبي صلى الله عليه وسلم حين قال إن الله لا يمل حتى تملوا، فَيَارَبْ إني أُقسم بك عليك ألَّا تمل مني ولا تتركني للشيطان ولِنفسي؛ فإنك إن تركتني لهما هَلَكَتْ، فهما كَالوحشَين المُفترسَين اللَذَيِنِ ينتظران اللحظة المناسبة لِلانقضاض على فَرِيسَتَيهِما.
انتهى.

View more