تابع الإجابة عن السّؤال الخاص بالتّسَتُّر والحَزم والتّشَدُّد الأخلاقي الفِطْري
وأوَدّ هنا أن أُشير إلَى أنّ السّبب الرئيسي لطلب الرجل الصّالح من مُوسَى -عليه السّلام- لَم يكُن للتّقليل من شأنه كما يفعلُ أغْلبُ الجُهلاء في هذا العَصْر، وإنّما كانت لهُ عدّة أسبابٍ تدُلُّ علَى فِطْنَتِه مِنْها :
- أنَّهُ لَم يكُن يعلَم بطبيعة شخصيّة موسى -عليه السّلام- نظَرًا لأنّهُ كان رجُلًا غريبًا عن قريتِهِم، فأراد أن يختَبِر صَلاحَهُ عن قُرْبٍ مِن خلال توظيفِه عِنْدَه.
- أنَّهُ عَلِم بقُوّة سيدنا مُوسَى -عليه السّلام- ، واسْتَشْعَر قَسْوة الظُّروف التي مَرّ بها وانعدام المالِ لَدَيْه مع عدَم إقْبالِه علَى الدُّنيا وتَحَفُّظِه الواضِح في التّعامُل مع النّساء كما أدْرَك عِفَّتَهُ في عدم طَلب الأجر نظير ما صَنَعَهُ مِن المَعْروف برغم شدّة احتياجِه، فحَلّ في نَفْس الرّجُل الصّالِح بالهَيْبَة والرَّهْبَة والمَحَبَّة والعَوَض لَهُ مِن الله في إحدى بناتِه علَى إحْسانِه في تَرْبِيَتِهِن، فأراد أنْ يُشْعِرَهُ بمحَبّتِه بإكرامِه بالزّواج مِن إحْدَى بناتِه، وأراد أنْ يُريحَه مِن هَم الأعباء المادّيَّة بتوفير وظيفة لَه، وأراد أنْ يُعَبّر عَن شِدّة امتنانِه إنْ تَفَضَّل مُوسَى بقبول عَرْضِه، عندما قال لَهُ صراحَةً بلسان حال الأب السّعيد التّوّاق لقبول مُوسَى لعرضِه علَى استِحْياء : "فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ" ، ثُمّ عاد ليُؤكّد علَى امتنانِه لمُوسَى -عليه السّلام- بقولِه "وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ"
- أنّ الرّجُل الصّالِح لَم يُرد أنْ يَبْخَس ابنَتَهُ حقّها في المَهْر فيتخلَّل الشّكُّ لمُوسَى -عليه السّلام- أنّ بِها عَيْبًا أجبر أباهها علَى التّفريط في حقّها، ولذلك لَم يُسَمّ لَهُ البِنْت التي يُريدُ أن يُزَوّجَهُ إيّاها؛ حتّى يطمئنّ مُوسَى -عليه السّلام- إلى أنّ الرّجُل لَن يغُشّهُ وفي نفس الوَقْت لَن يمُنّ علَيْه ،كما لَم يُرِد الرَّجُل لابنَتِه أنْ تعيش حياةً أقلّ من المُسْتوى المعيشي الذي كانت تنْعَم به مَعَه في بيتِه، كما خَشِىَ أنْ يستشعر مُوسَى -عليه السّلام- الحَرَج مِن عدَم قُدرتِه علَى المَهْر، فيرفُض عَرض الزّواج، فأغْراهُ بالوظيفة بوَصْفِها مَحَلّ المَهْر.
فأيُّ حِكْمَةٍ امتلَكها هذا الرّجُل الصّالِح وأيُّ فِطْنَةٍ وأيُّ بلاغة!
فنِعْمَ الفَوزُ ما فازَ بِه في دُنْياهُ بما يَنْفَعُهُ في أُخْراه
وسُبحان الذي أَعْطَى كُلَّ شَئٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
#أحمد_توكل
#فطنة_الصالحين
- أنَّهُ لَم يكُن يعلَم بطبيعة شخصيّة موسى -عليه السّلام- نظَرًا لأنّهُ كان رجُلًا غريبًا عن قريتِهِم، فأراد أن يختَبِر صَلاحَهُ عن قُرْبٍ مِن خلال توظيفِه عِنْدَه.
- أنَّهُ عَلِم بقُوّة سيدنا مُوسَى -عليه السّلام- ، واسْتَشْعَر قَسْوة الظُّروف التي مَرّ بها وانعدام المالِ لَدَيْه مع عدَم إقْبالِه علَى الدُّنيا وتَحَفُّظِه الواضِح في التّعامُل مع النّساء كما أدْرَك عِفَّتَهُ في عدم طَلب الأجر نظير ما صَنَعَهُ مِن المَعْروف برغم شدّة احتياجِه، فحَلّ في نَفْس الرّجُل الصّالِح بالهَيْبَة والرَّهْبَة والمَحَبَّة والعَوَض لَهُ مِن الله في إحدى بناتِه علَى إحْسانِه في تَرْبِيَتِهِن، فأراد أنْ يُشْعِرَهُ بمحَبّتِه بإكرامِه بالزّواج مِن إحْدَى بناتِه، وأراد أنْ يُريحَه مِن هَم الأعباء المادّيَّة بتوفير وظيفة لَه، وأراد أنْ يُعَبّر عَن شِدّة امتنانِه إنْ تَفَضَّل مُوسَى بقبول عَرْضِه، عندما قال لَهُ صراحَةً بلسان حال الأب السّعيد التّوّاق لقبول مُوسَى لعرضِه علَى استِحْياء : "فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ" ، ثُمّ عاد ليُؤكّد علَى امتنانِه لمُوسَى -عليه السّلام- بقولِه "وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ"
- أنّ الرّجُل الصّالِح لَم يُرد أنْ يَبْخَس ابنَتَهُ حقّها في المَهْر فيتخلَّل الشّكُّ لمُوسَى -عليه السّلام- أنّ بِها عَيْبًا أجبر أباهها علَى التّفريط في حقّها، ولذلك لَم يُسَمّ لَهُ البِنْت التي يُريدُ أن يُزَوّجَهُ إيّاها؛ حتّى يطمئنّ مُوسَى -عليه السّلام- إلى أنّ الرّجُل لَن يغُشّهُ وفي نفس الوَقْت لَن يمُنّ علَيْه ،كما لَم يُرِد الرَّجُل لابنَتِه أنْ تعيش حياةً أقلّ من المُسْتوى المعيشي الذي كانت تنْعَم به مَعَه في بيتِه، كما خَشِىَ أنْ يستشعر مُوسَى -عليه السّلام- الحَرَج مِن عدَم قُدرتِه علَى المَهْر، فيرفُض عَرض الزّواج، فأغْراهُ بالوظيفة بوَصْفِها مَحَلّ المَهْر.
فأيُّ حِكْمَةٍ امتلَكها هذا الرّجُل الصّالِح وأيُّ فِطْنَةٍ وأيُّ بلاغة!
فنِعْمَ الفَوزُ ما فازَ بِه في دُنْياهُ بما يَنْفَعُهُ في أُخْراه
وسُبحان الذي أَعْطَى كُلَّ شَئٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
#أحمد_توكل
#فطنة_الصالحين