واعلم أن أول الحب سكن ، ولا يكون السكن إلا بعد اضطراب وصخب ، وذاك أن روح العاشق لا تزال تمور وتضطرب بين شوق وحاجة حتى يتصل بمن سلب لبّه وملك أمره .. فإذا اتصلا سكن ما فى أنفسهما وهدأ ما بين جنبيهما .. ثم تكون المودة ، وهى النهر الهادئ وتكون حين لا يرجو العاشق إشباع شهوة أو تحقيق غريزة بقدر ما يرجو إسعاد معشوقه والسعادة به وهى ضوء تلمحه في عينيهما ، وجرس تسمعه في صوتيهما ، وشبه تراه في ملامحهما حتى يخيل لك أنهما واحد .. ثم يطوى الليل والنهار ، فترق العظام من بعد صلابة ، وتذبل الأجساد من بعد قوة فتكون الرحمة وهى عطف على ضعف ، ولا يغرنك قول بعضهم أنها خاصة بالرجل تجاه امرأته فإن من عمّر في الحب عرف أن الرجل إلى " رحمة المرأة أحوج وإلى عطفها أفقر وأطلب "