مساحه
هي بخيرٍ يا صديقي، تعرف كيف تتجاوز الآلام وحدها، تجيد الكذب حتى في أسوأ حالاتها النفسية تقول أنها بخير، صمتها لا يعني هدوءها لكنها مشغولة بضجيج في رأسها لا يهدأ، قد تظهر وكأنها تعاني من التردد، هذا ليس صحيح هي فقط تتخذ قرارًا وعكسه لأنها في معركة ما بين شيخوخة عقلها وطفولة قلبها، تفكر، تفكر طوال الوقت حتى في أتفه وأبسط الأشياء تفكر، التفكير لعنتها الأبدية يا عزيزي، صدقني انعزالها لم يكن برغبتها، هي من الأساس لا تحب الأماكن المظلمة، لا تحب الوحدة، لكن في الفترة الأخيرة شعرت بأنها غريبة، غريبة عن الجميع، لا أحد يشبهها، لا أحد يفهمها، وجدت نفسها وحيدة جدًا من كل شيء، هي بخير تعلمت كيف تظهر بثبات حتى أمام المواقف التي تستدعِ البكاء لم تبكِ؛ لا تصدق أنها أصبحت لا تبالي، ما زالت تبالي وتتألم من الفقدان، ما زال الفقد شبح يفزعها ويطاردها، لكنها أدركت مؤخرًا أن الذين يعرفون أنها لا تطيق الحياة بدونهم يتعمدون إيذائها حتى يرحلوا عنها، لا تصدق أن لا شيء يؤلمها، تلك الطفلة ما زالت تبكي وتتأثر لكن سخرية واستخفاف البعض من أوجاعها جعلها لا تبكي أمام أحد، لا تحكي لأي شخص عما تشعر به، أحيانًا تظهر بتعالٍ وغرور لكن لا أحد يعرف أن طريقتها ما هي إلا محاولة لتعويض خذلانٍ شعرت به بعدما ضحت وتنازلت عن كل شيء من أجل أشخاص لا يستحقون هذا، هي بخير لأنها لا تملك رفاهية السقوط والتعب، لأنها اعتادت التجاوز والتغافل، لأنها وحتى في أسوأ وأشد هشاشتها وضعفها وحزنها اعتادت أن تكذب وتقول "أنا بخير".💚