"كنت ذاك الشخص الذي تُحزنه كلمة، كلمة واحدة قد تُمرضني يومين أو ثلاثة. لا سيما إن كانت من شخص قريب، كنت اعتني بالأشياء واسقيها بكامل صدقي على أمل البقاء، كنت أتعجب من الشر في الإنسان. كيف لهذا الشخص أن يخدعني باللقاء مبتسمًا ثم يتحدثُ عنّي في ظهري بما لا أحب، كيف لهذا أن يُهدر إحساني وتفانيّ في التودد له، ثم ينصرف عني يومًا بقلب بارد لا يرفقه معروف ولا تأت به ذكرى، كيف لهذا أن يبتسم ويتظاهر بتمنيات الخير ثم تفضحه عينيه بلمعة الحقد وإن أخفى عند أول نجاح لي، أو عند القرب من مساحته التي أنافسه فيها! أليس كلهم في البراح ملائكة ما دمت بعيدًا عن دائرة المنافسة! فإذا ما اقتربت ولو صدفة تحوّلوا إلى أفاعي تشتهي لفظك بكل خبث ووضاعه!؟

---

الآن وبعد عدد لا بأس به من السنوات تصالحت مع الإنسان وطبيعته.. بشكل جعلني أتعجب، أرى من يكذب وأضحك له، من يحبك القصة ليتظاهر وأصفق له، التقي بمن خدعني في شارع وأسلم عليه مبتسما ولا أكلف نفسي عناء أن أشعره بأنه مخادع، اكتشف حقيقة من توقعت في نفسي أنه يخفي وراء تودده شيئ ما ولا أرى نفسي حكيما أو قارىء فنجان، هي فكرة التصالح التام مع طبيعة الانسان، الذي هو أنا، ما ذنبه. هكذا خلق! يكذب - يطمع- يغتر- يخاف- يحرص- يكمن فيه الخير والشر..

---

تمامه إذا بعد كل صفعة يهديها لي ألا يُكره ولا يُحب. بل يُنسى ويُعتزل، فالأيام علمتني أن أفتح باب المخيلة لكافة الإحتمالات، وما يقدمه لي التاريخ والإنسان من مفاجئات، لأنه ليس للهاوية من قرار، لم يعد هناك ما يكفي من الوهم، لأخاف خيبة الأمل، ولعل ذلك هو ما تبقى لي من أمل: أن أحصّن نفسي ضد الخيبة."💛