"لا أرى شيئًا في الحياة أهم من الأهل، أهم من العائلة، لا شيء أهم من أن يكونوا بخير، إذا كانوا بخير فكل شيء بخير.. كل يوم يزداد إيماني بهم أكثر وأكثر، وكل موقف يؤكد لي أن جيش المرء الوحيد عائلته، وأن المرء دون عائلته عدم، وأن العائلة هي الظل والجناح والأرض الثابتة، وأن لا شيء يؤمن للمرء الحماية كالسياج العائلي، وأن الترابط العائلي من مقومات الحياة، وأن الأمان أب، والدفء أم، والسلام أخت، والمدد إخوة، وأن الانتماء الأقوى إليهم، والحب المطلق لهم.. العائلة أولًا وثانيًا وأخيرًا، والعائلة قبل كل شيء.. العائلة هي كل شيء."
أحب الذين يتشاركون الطريق من البداية، الذين يسهرون على ضوء شمعة، ويسكنون بيتًا صغيرا، ويحسبون بالورقة والقلم مصاريف الشهر ومدخرات العام، ويصلّون الليل ليُرزقوا بفرصةٍ أفضل في الصباح، ويرزقون فعلا في الصباح فيشترون بدلا من الشمعة مصباحا، وينتقلون إلى بيتٍ أوسع، ويبدو حساب المصاريف والمدخرات أسهل، ويذوقون أطعُما جديدة، غير تلك التي اعتادوها كل نهار. .. ربما لا يحكونها، لكنني أراها في عيونهم، ألمحها في نظرات كل منهم إلى صاحبه، أجدها في اعتزازهم بأسرار الرحلة، واحتفاظهم بأشواك الطريق، وحكاياتهم المختصرة عن العرق والأرق والقلق، ثم حكاياتهم المطوّلة عن فضل الله بعد البلاء، وعن الكفاية بعد الحاجة. .. أحب أن نبدأ معًا، صغيرين، يكبران، رفيقين، لا يفترقان، ضئيلين، يزيدان في الحجم والرسم والاسم يوما بعد يوم، يستند كل منا إلى الآخر، وكلانا شاهدٌ على نمو صاحبه، وكلانا يعلم من أي طينةٍ نبتَ بُستاننا معا، ونحتفظ بسر المهنة، ونحتفظ بالخلطة السحرية، ونحتفظ بأنفسنا القديمة دون تغيير، نخلع عنها رداء اليوم، كلما خلدنا إلى بيتنا الذي لا يتأثر بالغنى أو الفقر، البيت الذي مفتاحه عيناك.