تعلمت أنه ما من شيء في هذه الدنيا يستحق أن نُغَالِيَ به ، ونهَوِّلَ على نفوسنا ؛ فَقَدْ مَرَّ بِي خَيْرٌ كَثِيرٌ ، وشَرٌّ كَثِيرٌ ، وَمَا كُنْتُ أَرَانِي إِلاَّ شَقِيًّا في الحالتين ؛لأني كنت إذا أصابني خيرٌ أسَرُّ بِهِ ، ولَكِنِّي كُنْتُ مَعَ ذَلِك أشْفِقُ أَنْ يَزُولَ و أخشى ألا يتكررَ ، فأعذبَ نفسي بما لا موجب له من القليل ، وإذا أصابني سوء شقّ علىّ واستكبرته وخفت أن يطول أمده ، وأشفقت ألا يطول أمد احتمالي له لما أنا فيه من الضراء فصارت الحياة كالجحيم . ثم رأيت كل شيء يزول وإن خيل في وقته أنه سرمد ..... فخير للإنسان و أجلب لراحته أن يتقي تعذيب نفسه في غير طائل .
تعلمت أن أحاسب نفسي ، وأنصب لها الميزان ، ومحاسبة النفس عسيرة ، ولكنها واجبة ؛ حتى لايتكرر الخطأ ، ويطول الجهل ، ويتمادى المرء في الضلال ، وهي على كلٍ أهون وأخف من محاسبة الآخر .