بدأ عقلي يأكل روحي.. تغذّت أفكارٌ لامتناهية على ما بقي في قلبي من طمأنينة.. في الليل العميق أنا وقلقي في صحراءٍ قاحلة، بينما هناك حريقًا في أيسر صدري، سرت البرودة في كُلّي، لا البرودة أطفأت ناري، ولا اللهيب أضفى على أطرافي دفئا،ما بال شمس النهار لم تبزغ، هل يطول الليل مثل هذا الطول دوما؟ أم أنه طال لأنني أرقبه، ها هو نور البرق يشرخ السماء، وصوت الرعد يفعل فعلة أخيه بقلبي، ما بالي أسمع حفيف الأشجار في صحراءٍ ميّتة، يبدو أنني تهت بين الصحو والغفو، أشعر بثقل في رأسي، أصبحت لا أقوى على حمل جفني، لكنني لم أجرؤ على النوم، خفت من كوابيسي، لو نمت سأكون صيدًا سهلاً للذئاب والضباع، وربما سيكون دمي شهيًّا لأفعى، هه يا لبلاهتي، وهل هناك أفعى أشدّ فتكًا من تلك التي في رأسي؟ أين القمر اليوم؟ ما هذا الظلام الدامس، لم أشهد ليلة حالكة كهذه من قبل، ألم تلبس السماء حُليّها اليوم؟ ما لي لا أرى نجومًا فيها؟هل كانت ظُلمة بطن الحوت الذي التقم يونس تشبه هذه؟ أم أنها تُشبه ظلمة البئر الذي هوى به يوسف بعد غيرة أخوته؟ أم أنها تشبه ظلمة الجنين في بطن أمه؟ تعددت الظلمات والوِحدة هي سيّدتها.-خِتام