"فليس للخائف الذي قد اشتدّ خوفه أنفع من ذكر الله عزوجل، فإنّه بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه؛ حتى كأن المخاوف التي يحذرها أمان له، والغافل خائف مع أمنه؛ حتى كأن ما هو فيه من الأمن كله مخاوف"
تلك الأوهام التي تأخذنا إلى عكس الحقائق التي نؤمن بها ونُسلّم لها، ليس لها عمل إلا أن تُضيق على قلب يسعى للتشبث ببارقة أمل، ليثبت مسيره دون اضطراب أو خلل، وهي مهما بلغت حدتها؛ فلن تضر بتلك الحقائق شيئًا.
{أَم لَهُم مُّلكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا بَينَهُمَا فَليَرتَقُوا فِي الأَسبَابِ}قال ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد هذه الآية كالتي قبلها : أن الخلق لا يملكون خزائن رحمة الله ولا يملكون السماوات والأرض وما بينهما لأن ذلك ممن ؟ من الله عز وجل ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : (( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت )) فخزائن رحمة الله لا يملكها أحد الذي يملكها هو الله عز وجل وفي حديث ابن عباس : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) ويتفرع على هذه الفائدة أنه لا ينبغي للإنسان أن يعلق رجاءه إلا بمن ؟ إلا بالله عز وجل لا يعلق رجاءه بمخلوق إلا في الحدود الضعيفة المرسومة يجعل الرجاء كله والتعلق كله بالله سبحانه وتعالى وإذا جعل هذا بالله سخر الله له المخلوقات حتى البشر يسخرهم له لكن إذا تعلق بغير الله وُكِلَ إليه وضاع ، من أين يؤخذ ؟ من قوله : (( أم عندهم خزائن رحمة ربك )) فخزائن رحمة الله عند الله سبحانه وتعالى.
الإنسان أضعف وأعجز من التصدي لها دون عون الله له، ولأنها دنيا لا تكاد تحصل فيها السلامة بالكلية، نستعين بالله لننجو من تلك الآثار المترتبة على ذلك السوء الحاصل.
في هذه الحياة؛ تصدمك لحظات الحزن لتوقعك كضربة قوية مُخلّفة آثارها عليك من جروح وكدمات، لتقف أمامها وتقول: هل أستسلم لمثل هذا فتشغلني عن استشعار تلك النعم المغدقة، والتي في الأصل مهما شكرتها، أظل أنا العاجز عن أداء شُكرها؟!