لا تَدَعِ الغُبارَ يُلامِسُ قلبك، وإن كانَ لا مَفرَّ من الملامسة، لا تغفَل عن إزالته. لا تدَع شيئًا يُلامِسُ سنابلَ أحلامك، ورودَ أحبائِك، ذكرياتِ طفولتك، حاول أن لا يَكُنِ المَساس لِما هو الأساس.
"الدينُ يُسّرٌ ليسَ بِهذا العُسّر، نخوض ونلعب" ، نتدارك جهلنا في الدين بهذه الكلمات. وأنتَ الذي طُلِبَ منه معرفة الدين وليسَ اللهو واللعب، فَكما الدين سهل فربّ الدين شديد العقاب. تذّكر؛ تراكم الذنوب والسيئات تنسِفُ جبالًا من الأعمال. آنَ لَنا العودة قليلًا والنظرُ باستقامة .
رجائي الوحيد لِهـٰذه الدنيا، أن يكون البشر كالغابات، جذورهم مترابطة، التآخي قويّ، مستقلين كالأشجار، كلٌّ يعرف أين يقِف، يتقاسمون ما يملكون، لا تنبت الأنانية والحقد ، فقط يخضّر الحبّ،تفوح روائح الأزهار وتصفو السماء.
الإنسانُ عادةً يملك حُلميَن اثنين على أقل تقدير ، والإنسان العاقل مَن يرضى بالذي مُنحَ إياه، و وفِقًا لذلك تكون رؤيته المُستقبلية قائمةً على إمكانياتٍ واقعيةٍ، وليسَ حلمًا افتراضيًّا كانَ قد رسمه في مخيلته وعواطف المحيطين بِه. من هُنا يبدأ الترتيب للحياة الجديدة بافتراضيات الحلم الذي ودَّ لو تحقق، ولِيَثِق أنه لن يُحقق شيئًا إن لم يتنازل عن الأحلام الأخرى في سبيل الذي مُنِح، ومهما كانت ثقته وقدرته لن يجمع بين كل الأحلام فالعمر محدود، وسراب العيش في الأحلام يستنزف الوقت والمجهود.
التجاوز هو السمة الأكثر نجاةً في الوجود، فعندما تتجاوز الأذى تحمي نفسكَ من الأذى، وعندما تتجاوز القيل والقال تحمي نفسك من الغيبَةِ فيك، وعندما تتجاوز ما يسمى بالأبدية ستتجاوز فكرة الحداد على الأحياء والبكاء وانقطاع الأكل "وما الحياة إلا تخلٍ"، تجاوز فكرة أنكَ أُكجسين بحياة الناس وكن عنصرًا نبيلًا، التجاوز لغة لا يجيدها إلا من أدركَ راحته النفسية .
فِي بَعض الكلام دلالَة وفي بعضه ثرثرة، فاحذف الحَشوَ مَن الكلام وفصِّل في الدلالة، فَكِثرة الحديث مُخطِأة, وفي قِلَّته إيصالُ فِكرة، فِكَّ غموضَ الحديث ولا تِزد إثارة .
الأَسَفُ الأكثر إيلامَـًا عندما لا تعرفُ مَا أَلَمَّ بِكَ، مَا يَجدرُ القيامُ به، أو الحديثُ بِه، مُغيَّبٌ تمامًا، لا ما جَرى بَيِّن ولا التوقعُ ممكِن، داخلَ زوبَعةٍ عَتِيَّة لا تدري أينَ سَتُقذَفُ وما هِيَ أراضيكَ الجديدة.
كانت زهرةً نافِعةً وضّاءْ أرهقتها الشمسُ فاحتَمتْ وَسَنَت من حرِّ الشمس فذبلتْ قيل أنها زهرة مَيتة ْ لم ينفعها زهرها الوضاءْ وحماها الشوك من الحرَّاقْ عاشَت مشوهةً بساقٍ محروقْ وضلَّ الشوك الحامي الوحيدْ أزعجها في السابق عيبُ شوكها وأنقذها اليوم ما كان بَغيضْ لا تخشى عيبَكَ مهما بَدى فالشوك للورد عَضيدْ ..
أدركتُه وزمّلته غطائي هزَّ كياني، كيف أوقظه كابوس لا أعلمه يؤرقه إن سألته لأنقذه يصمت، لا يعرف اسمه شيء كذَنْبٍ يلحقه يحرق قلبه فيبرد جسده يحترق رأسي أصمت صوته رُبَما أسمعه ملامح حزن بلا ألم رجفة خوف دون سبب صوت سأمٍ وبَرَم قديم عميق أذنب طفولة أصمَّ أذنيه أعجمَ فَمه رُعبًا من الألم...!!
للقلب ميزانٌ، حِينًا يُخبر العقل عن قراراته، يتدارسها العقل ويأتي بحكمٍ حسبَ خبراته، وأحيانًا كثيرةً يتخذّ قراره ولا يلتفتْ لنداءاتِ أبيه - العقل -. يثق بِصدقٍ قراراته ولا يدع لمنطق أبيه بالسيطرة المُطلَقَة ، يشعر بلذةٍ حين لا يتلفت ويسعى دونَ كللٍ لإثبات أنه يوازي أبيه بِحكمه على الأمور. يحب الذين يسعون خلفه ، وأكثر للذين يستمعونَ لِأبيه تقديّرًا لِحكمته ومن ثمَّ يصطفونَ خلفه، يتقلص أعداد مؤازري أبيه الذين بشكل أو آخر ينفذون قراراته عندما لا يلتفت ويضعهم مجبرين في فريقه، أو يدعهم يتعذبون فِكرًا ويسلب النوم منهم . يستمد قوته مِن الحب الذي يطغى على كل الكائنات - حتى فاقدي العقل يحبون ويشعرون بغيرهم - هـٰذه القوة تمنحه الجراءة وأساس حكمٍ لا يُخطئ، أُحبُّ الذي قَال " الشعور يسقط على العقل ابتداءً،وإن سَقَطَ في القلب حِينها يُسمى حُبًّا، وهو الأوثق". وهذا أصدق قولٍ يُقال، فمَا أقرَّه القلب وَقَر.
سَمِعنَا حَتى أطعنا عُميانًا أن نطوي الصفحةَ، أو أن نحرقها ، آمنّا بِفعلنا أنَّ الآخرين هم المخطئونَ دائمًا ولا يترتب علينا سِوى طيهم أو إحراقهم والمِضي، وبِهذا تتبرأ ، ولا تعلم أنَّ الآخر المُخطئ - كمَا تعتقد - أنكرَ فِعلكَ بصمتٍ ومضى مستغبرًا تغيركَ المفاجئ، أو يُطلق عليك - متقلب المزاج -.لا تطوي الصفحة قبلَ مراجعتها واستخراج مواضع الخطأ مِنها، ضَعْ خطًّا مائلًا مميزًا عباراتك التي أخطأت بِها تعبيرًا، احذف الأمور الجيدة في الصفحة مُبقيًّا ما عُلِّم، رتب ما قلت تواليًّا، وقارن كلماتك المؤذية بكلماته ولترى مَن أخطأ أكثر. إن كنتَ أنتَ اصلح وصافِح وأنِب نفسك، وإن كانَ عكسَ ذلك، صافِح ولا تقطع ودًّا.لا أُحبذ قَط كتابة الصفحة ، فمَا الضرر لو توسطّت بِالتعامل؛ كَأن تُحبب هونًا مَا، وتَبغَض هونًا مَا، أن لا تتعامل مع السلوكيات وتتعامل مع هيئةٍ إنسانية ؟! لا تُراكم أيامكَ بقلبك، ولا تراكم أقوال الناس بأذنك فيسمع عقلك ويبني كيفية التعامل معهم، لك ظاهر الأمر لا باطنه، كن مِثالًا لا مماثلًا.
ما وصف شعور الخيبة لشجرةٍ قُطع مِنها جَذعٌ، أعادت بناء نفسها، فقطعها الفأس - ذات الجذع - بلمحة بصرٍ كأنها لم تغير شيء منذ آخر لقاء ؟! أم أنَّ النايَ الذي قُطعَ مِن الجهة الأخرى قَد عَزَفَ حُزنها وأراحَ صدرها ، وأنساها خيبتها، لِذا لا تَصف شعورها ؟! هل الشجرة تُزيحُ ثقلها حينَ تُسقط الأوراق رويدًا رويّدا، أم أنَّ الورقة هِي الأخرى قَد ضجرت وابتعدت مع الريح لتتخلص من أنين شَجرة ؟! وهل الغُصن عندما يُزهر ويمنح ورقًا يواسي الشجرة بطريقة أخرى ليخفف وطأة الحزن وتكالب الخيبات ؟! هَل الشجرة تشعر بالمرض، وتعبّر عنه باصفرار أوراقها وهزالت أغصانها ؟! ذلكَ الصمغُ المزعج أهو نزيفِ شَجرة !! انقطاع الثمر بين حينٍ وآخر إعلامٌ لنا منها أنها تودّ الراحة، وأنها تعبت من البذل دونَ عطاءٍ ؟!