هناكَ دائمًا حقيقة لا نراها عن الآخرين، هناك قصّة أُخرى غير تلك التي تُحكى، هناك خطوات تحدث دون أن يراها أحد دون أن يشعُر بها أحد، كلّنا مررنا من هناك، كلّنا دخلنا أكثر من مرة إلى ذلك النفق الخفي الذي لا يعلم سرّه أحد ثم فاجأنا العالم أننا أصبحنا أشخاصًا آخرين .
كنتُ قد بلغت من العمر ما لا يمكن معه أن أُؤمن بإمكانية الهرب، لأنه ليس ثمة فرق بين الرحيل إلى ما هو جديد وبين العودة، لأنك في نهاية المرحلة تكون دومًا أنتَ ذاتك، تنظر بوجهك ذاته، بحِملكَ ذاته، بأسئلتك ذاتها، الشيء الوحيد الذي يتغير هو أنهُ بعد كل رحلة تكون أكبر سنًا وأقل إهتمامًا .
أحياناً تتراكم عليك ردود الأفعال كما لو أنها جبل، حتى تأتي مواقف ضئيلة ليس بوسعها أن تحرك ورقة شجر من مكانها، لكن نتيجة الكم الهائل من التراكمات تحط عليك كما لو أنها حجر، ينهال كل شيء على بعضه، وتتفجّر من الصخور الساكنة الأنهار .
أشعر بالتعب من كُل شيء، من هذه البلاد التي أنهكت قلبي، ومن الأصدقاء الذين لا يداوي وجودهم شيئاً، ومن المنزل، الذي لا أستريح فيه، ومن هذه الحياة الطويلة التي أوقن جداً بأني سأقطعها لوحدي.