إنني مُرهق الآن ، ويمكنني أن أقول إنني سعيد كذلك ولكنني حذرٌ جدًا، إلى حد لا أشعر معه بالسعادة الكاملة، حذِر من نفسي، ومن الحظ، ومن هذا المستقبل الوحيد الملموس الذي يُدعى غدًا، وحذِر تعني : غير واثق.
ذات مرة سيسير كل شيء نحو النهاية ولن أتمكن من إيقافه، لن تُفلح كل محاولاتي في إعادته ، وأنني مهما سَعيت من أجله سأفشل ، ذات مرة لن تتمكن أنت من التعرف عليّ ، حتى أنك حين تسمع صوتي لن ينقبض قلبك، لن تفتر شفتاك عن ابتسامة لطالما كانت خاصة بي، لن تشعر فجأة بأن الكون قد خلا من كل شيء، لن أتمكن أنا من مناداتك حين أتعرض لأي خبر سيء أو حين أشعر بأنني أتطاير فرحًا ، لن أُخبرك بأن الأماكن تضيقُ بِي في غيابك وأني أشتقت للأتساع الذي يملأ حياتي في وجودك، ولن أقف وكلي يرتجف حين ألمح وجهك الأسمر أمامي ، ذات مرة ستتوقف عن كونك ملجأي وسأتوقف أنا عن كوني الفكرة الدافئه التي تملأ أيامك ، وسيمضي كلًا في طريقه بأسفٍ يفتت روحه على ماتركه خلفه ، النهاية .
لم استوعب تلك الليلة وتلك الكلمة التي القيت بحجمها الكبير عليك،لم استوعب بأن تلك الكلمة قد تحدث خللاً كبيراً بيننا بحكم الظروف والسنين،لم استوعب الى اي مدى تسرعي وصل،حقاً لم استوعب تلك التفاصيل الصغيرة التي ستحدث لاحقاً،لقد كنت احمقاً طائشاً،لكنني الان ارى ذلك بوضوح وعرفت خطئي.
لا أريد بعد الآن أن أكون مستثنى لدى أحدهم، ولا أرغب أن يشكّل وجودي فارق كبير في حياة شخصٍ ما، في حياة سخيفة كهذه أتمنى لو أكون لاشيء، مجرد ظل لشخصٍ عابر فقط.
أحيانًا يكون من الصعب عليك إخفاء الكثير من الكلام ، يكون داخلك مختلط بأمور انت نفسك لاتستطيع فهمها ، وتحاول جاهدًا فهم مايحتويه قلبك لكنك ترجع بلا نتيجة مضطرب في أحيانٍ ، خائف في اخرى ، حزين في غيرها ، سعيد في ثانية ، لكن الاصعب من إخفاء هذا الكلام وهذه المشاعر هو تمثيلك بأنك ساكن داخليًا هادئ ، رغم أنك العكس تمامًا ، وتتعدد الطرق في إظهارك لهذه المشاعر ، تمامًا كتعدد الناس في حياتك .
لم أنسى أبداً تلك اللحظة التي اخترتُ فيها الصَمت بدلًا من إخبارك أنني أشعُر بالحزن لأنك لم تعُد أنت لقد تلاشى ماوددت قوله ، لم يبقى سوى الذي لا يمكنني البوح به.
لم يحدث أن شعرت بهذا من قبل، رغبة في التنازل عن كل شيء، ترك كل شيء، وعدم المحاولة لإعادة أمرٍ قد انتهى مهما بلغت عظمته، أشعر ببرود في روحي لم أألفه من قبل، يجعل قلبي وعقلي في حالة وفاق للمرة الأولى، لا يصرون على شيء.