***
أضعتني .. أمضيت اليوم أبحث عني ..
بحثت في أرجاء الغرفة كلها .. داخل الخزانة , تحت السرير , في جميع الأدرج .. تسائلت كثيراً أين يمكن لي أن أذهب لأجدني مرة أخرى !
فزمن ضياعي طويل ولم يسبق لأحد أن بحث عني أو حتى يجدني !
.. زمن ضياعي هو منذ ولادتي في أرضٍ ليست أرضي .. تنفست هواء وطن ليس بوطني .. منذ حملت
جنسية اجنبية لا أعبر عنها .. فأنا فتاة عربية .. كل ملامحي .. كل خصالي .. كل تحفظي وحيائي عربي
.. لك أزر وطني ذاك سوى مرة واحدة وأخيرة فليس لوالدي أي عائلة هناك كأن الشجرة تقطع إذا لم يجنى منها الثمر !!
.. فعشت في هذة البلاد التى لاأمت لها بصلة .. أحببتها لغن كل شيئ لايسبب لنا الأذى نحبه .. لأن الحب يأتي مع العشرة والإعتياد .. لكن البغض تؤم للحب أيضاً
يولد من نفس رحمه لكنهما يتغذيان من من مشيمتين مختلفتين .. أبغض هذة البلاد بعد كل نفحة هواء باردة .. بعد كل فصل ربيع .. وكل رأس سنة .. أبغضها عندما أبحث فيها عني كفتاة تنتمي للشيئ تعيش معه
.. وأكتشفت للأسف أن كل ماقضيت هنا لم يكن إلا تعايشاً مع الواقع لا أكثر !
.. جلست على حافة السرير وأنا أضع دفتري في حجري .. شارفت قصتي في أحضان هذا الدفتر على النهاية .. تذكرت حين قرأت مرة أن جميع العلاقات عبارة عن فيلم سينمائي وعلينا الإستعداد لكلمة النهاية .. ومن أستعد لهذة الكلمة ؟ .. بالتأكيد لا أحد .. لا أحد يحب ان يجد نفسه صورة في برواز من يحبه كما هي أنا ..
نسيت بأني وجدت نفسي فوق جدار منزله وفي ألبومات صوره .. ربما هذة هي انا التى بحثت عنها طويلاً .. مجرد صورة .. تأكل وتمشي وتنام .. تحاول أن تستند على ذكريات حبها البائس وتنسى بأنها قشة سرعان ماتنكسر , كان يوماً ماطراً أرتديت معطفي وقبعتي وخرجت إلى أقرب منتزة من منزلنا
السير تحت المطر ليس شيئاً رومانسياً كماهلكت وسائل الإعلام والقصص لكي تصوره كذلك .. هو إغتسال داخلي .. هنا نشعر بأن ذنوبنا وأفكارنا وحتى ذكرياتنا تغتسل وتنظف .. لا اعمم الشعور لكنه كان شعوري وشعوره في يومٍ ما .. كان المنتزة جميلاً في هذة اللحظات .. ذكرني بأول مرة سقط فيها المطر وأنا معه
خشيت جداً أن تبتل ملابسي أو يمسح مساحيق التجميل عن وجهي فضحك وهو يبعد المظله عني .. غضبت جداً .. ولا انكر حتى إنني كدت أبكي فقلت له : أعطني المظلة الا ترى المطر يهطل لماذا تتصرف بحماقة ؟
فزادت كلماتي من ضحكة وهو يقول : بل على العكس أحب أن يهطل المطر وانا بصحبة فتاة حتى أرى مالاتريدني رؤيته
صمت قليلاً .. لم أفهم بسرعة ماكان ينوي ان أفهمه من كلماته تلك فحدق بي متأملاً وعيناه تلمع ببريق لم ولن أنساه وهمس : أنتي جميلة جداً سواء وضعتي " المكياج " أم لا فعلاً أنتي أجمل إمرأة عرفتها
..كنت صغيرة .. فرحت بكلمات المدح دون أن التفت إلى مادونها او أغار حتى .. لم أكثر من تلك المساحيق منذ ذلك اليوم .. واليوم أنا لا أضعها إلافي حالة نادرة .. كنت أجلس على مقعد خشبي وعندما أردت وضع دفتري بجواري رأيت عبارة حفرت عليه : إبتسم فجمالك ببتسامتك .. إبتسمت لا أرادياً مع تلك العبارة وأزحت كومة الماضي عني .. فكما أحببت اول ليلة ممطرة معه .. علي أن أحب كل الليالي التى أمطرت من دونه .. الأشياء العابرة كتلك الجملة قد يظنها البعض عابرة
.. لكنها حتماً كتبت لشخص ما . كما اعتقد بأن هذة الجملة كتبت من أجلي .. وكما وجدتني ذات مرة في صورة له .. سأجدني في دفتر لي
***
View more