كانوا يقولونَ لنا حين يؤلمنا عضوٌ من أعضائنا، أن سبب هذا الألم، يعودُ إلى أن هذا العضو ينمو . هكذا شخّصتُ وجع الروح داخلي، بأن النفس هي أيضًا تشق طريقها إلى النُضجْ!
كم أتمنى أن يُبتر جزء الإحساس بداخلي ! لأصبح عاري تماماً من المشاعر ! لا يتعبني حزن ولا يسعدني فرحة يا ليتني هكذا كالقهوة المُرة سادة من كل شيء سوا نفسها !
أريد أن أقضي ما تبقى من حياتي في هدوء تام، لم أعد أستطيع خوض صراعات جديدة فلقد استهلكت طاقتي في معارك قديمة كنت أنا دائمًا الطرف الخاسر فيها، لا أريد أن أُستَنفذ تحت طائلة العتاب، أبحث عن أشخاص لا يهددون دائمًا بالرحيل، لا يجيدون العتاب واللوم لا يطيقون الخصام لا أسعى لإرضائهم فـهم يتقبلونني بكل ما في من مساوئ ومميزات، أبحث عن الطمأنينة واللين في التعامل، أبحث عن الدفئ، تعبت من صراعات العلاقات الأجتماعية من استنفاذ قلبي ومشاعري بلا مقابل، من كوني الطرف الذي يغفر ويتجاوز ويسامح سريعًا، حتى أحلامي تنزلق بعيدًا عني، ما أرجو أن أصل إلى ما أريد، أستريح قليلاً من الركض والسعي والمسؤوليات، أنا فاقد للشغف تمامًا، لا أعرف متى انطفأ قلبي وأصبحت كل الألوان في عيناي باهتة وباردة، لا أعرف متى أصبحت بهذا الهدوء ورغم هذا ما زلت أواصل الركض والسعي وأتظاهر بإنني في أفضل حالاتي، لكن ما أعرفه جيدًا أنها ضريبة خوض المعارك والصراعات المستمرة مع الحياة حتى انطفأت تمامًا..لست شخصًا مثاليًا ولم تعد أمنياتي عظيمة، أكثر ما أحتاجه أن تمر أيامي في هدوء تام، أن أجلس على كرسي أمام البحر وأتنهد ثم أقول لنفسي " أخيرًا لقد انتهى كل شيء ".
وإياكِ أن تحب من لا يحبك، صحيح أن للحب جاذبيته الخاصة التي تحدث رغمًا عنا، لكن لم يعد هناك متسع من الوقت لمراقبة أشخاص لا يلاحظون وجودك من الأساس..صدقني أن تحب شخص لا يحبك يعني أنك وقعت في بئر مظلم لن تخرج منه إلا بعد أن تفقد جزءًا كبيرًا منك، وإياك أن تراهن على قدرتك على لفت انتباه أحد، من لم يحبك من اللحظة الأولى لن يحبك مهما فعلت، ستكتب له الكثير من كلمات الحب ولن يقرأها، لن يراعي الأفعال التي تضايقك وتثير غضبك، مهما كنت لطيفًا معه ستبقى ردوده باهتة وباردة، مهما كنت مستعد للتضحية بكل شيء في سبيل إسعاده لن يقدرها لن يلاحظها من الأساس، مهما تغافلت وتجاوزت غيابه وإهماله لك لن يكترث بل سيظن أنك بلا كرامة وسيتعمد تكرار الغياب والإهمال فأنت من الأساس لا تشغل ولو جزء صغير من عقله، سيكون هو أول من يهزمك في حروبك التي تخوضها من أجل إثبات أنه شخص جيد جدير بالحب والثقة، لن تستطيع معاتبته على خذلانه الكبير لك، لم تستطيع إلقاء اللوم عليه حين رآك تغرق في التعاسة والبؤس فـ رحل عنك لأنه لا يطيق البقاء مع شخص مثلك، مهما تشبثت وتمسكت به ستجده يجيد خلق كل الطرق، الأعذار والمبرارات للرحيل عنك دون أن يشعر بالذنب، سيعطي لك الأمل البسيط في إمكانية بقائكم معه، وستحاول أنت جاهدًا بذل كل ما في وسعك من أجل إرضائه وأسعاده، ستقدم كل طاقتك وتستهلك قلبك ومشاعرك لكن وفي النهاية سيقول لك" أنت رائع بطريقة لا تناسبني ويرحل عنك"..إن أشد إثم على نفسك، أقسى ما يمكن أن تعذب نفسك، قلبك وروحك وطاقتك بة، أن تحب شخص لا يحبك ..
أنت لا تعرف معنى أن يبقى المرء صامدًا، يواصل مهامه اليومية وهو يتألم، يبتسم أمام الناس وفي قلبه سنين من البكاء، يتعامل مع الناس رغمًا عن رغبته في الهروب والأنعزال عن العالم، يسند الجميع وهو هش محطم تمامًا، ويدفعهم للأمل وهو غارق في حزنه وتعاسته..أن يواصل حياته رغمًا عن تعبه ومأساته.. فـ كلما أراد الأعتراف بـ التعب أو فكر للحظة في الأنهيار.. سمع صوت بداخله يقول " إياك أن تقول تعبت، نحن لا نملك رفاهية الأنهيار " .
لكنك لا تعرف معنى أن يحبك شخص خائف، يأمل في قضاء حياته معك، صنع أحداث بينكم، ويشاركك وتشاركه تفاصيل يومك، يبحث عنك وسط الزحام ويتردد كثيرًا قبل أن يرسل لك رسالة خوفًا أن يكون عبء وحمل عليك أو أن تكون لا تبادله نفس المشاعر والود، يخشى التعلق بيك حتى لا ترحل عنه، أو يثق بك وتخذله، ربما تكرار أحداث ومأساة قديمة حدثت معه، أو حتى يخشى أن يؤذيك رغمًا عنه..لا تعرف معنى أن يحبك شخص خائف كلما حاول الأقتراب منك سمع صوت بداخله يردد.. " أنت لست الشخص المناسب له، غدًا سيرحل عنك " .
أعلم هذا ، أعلم أنني سيئ و مُنطوي و كئيب و أنني في بعض الأحيان لا أُطاق آرجوكم لستُ بحاجة ان تذكرونني لأنني احاول بكل ما بوسعي أن أُشرق ، صدقوني انا أحاول . .