ابني الحبيب سَليم، من أمِّك المُحِبة.. هذه الحياة في حد ذاتها مُعجزة؛ إنك موجودا الآن، ملء سمعي وبصري ويدي، إنسانًا صغيرًا من لحمٍ ودمٍ ودماغٍ عليَّ -أنا التي ما زلت أتحسس طريقي وأجاهد نفسي- أن أملأه بكل فضيلة وعقيدة ومعنى جميل.إن هذا مخيف يا بني، ما زلت أربي نفسي، ما زلت أتخيَّر لي ولك، وما زالت فيَّ بقايا طفولة لا أستوعب تماما أنني غادرتها إلى النضج ومسؤولية خيارات الحياة وما يترتب عليها، إذا كنت تستطيع أن تفعل هذا انت في رعاية الله فادعُ لي بولاية الله وحسن تدبيره، ليكن دعاؤك من أجلي ومن أجلك.كان يمكنني أن أختار السهولة، أن أرجّح الراحة على الفكرة، ولكن مبادئي أجبرتني على طرق صعبة. أسمع كلامًا كثيرًا يجرحني، يقولون لي غدًا ستنسين كل هذا ولن تفكري إلا فيما فعلتِه بنفسك، وعندما أوشك أن أنهار تحت الضغط أتذكر سؤال الله لي عن أمانة الاختيار، وأتخيلُك أنت؛ تسألني يومًا ما لماذا أسأتُ إليك هذه الإساءة.إننا لم نكن قد التقينا بعد، لكنني رأيتُك في منام، وأعطاني هذا أسبابا جديدة للتمسك بفكرتي عما ينبغي أن تكون عليه حياتي وحياتُك، أردتُ حين أراك أن يُمكنني القول: "لقد ثبُتُّ في هذا الاختبار يا رب ولم انهزم لارتباكاتي وثقوبي التي أحفظ مواضعها"، وأن أضحك لك وأنا أخبرك أنني أديت أول واجباتي تجاهك على أجمل وجه وتحملت في سبيل هذا الكثير.ولدي العزيز، صديقي وحبيبي.. ستمرُّ يومًا ما من الطرق التي مررتُ منها، سأراقبك حينها وأنا أبتسم وأتذكر نفسي القديمة، وإذا نظرتَ إليَّ طالبًا النصيحة سأُخبرك بثقة: "لا تلتفت إلى مزاعمهم بأن مبادئك ستبهت مع الوقت وعليك أن تختار على أساس أنك ستتغير، إذا كنت صادقًا ومبادئك فاضلة فسيمنحك الله في كل خطوة أسبابًا أكثر للتمسك بها، ستُختبر فيها لا شك، لكنك ستُعانُ عليها ولو بعجزك عن تخطّيها والتغاضي عنها، وسينقذك الله ببعث قلبك فجأة في كل مرة توشك فيها أن تخضع للنمط السائد أو تنهار تحت الضغوط". لتكن في عناية الله؛ فؤادي ليس فارغًا ولا أخاف عليك حيث أنت، الحياةُ مُعجزة و انت أتيت لها في الوقت الأصلح لك ولي. - منقول بحُب ♥️