"سأذهب لأحضر لنا القهوة قبل أن يأتي الدكتور" قالتها صديقتي ثم غادرت كنتُ أقف في الممر بباب المحاضرة منهمكة بإرسال الرسائل لتحضيرات حفل ميلاد أخي رفعت رأسي عن الهاتف لأرى إن كانت قد عادت لكني لم ألمحها ثم ما لبثتُ أن رفعت عيني عن الهاتف مرة أخرى لأراكَ تقف في الجهة المقابلة من الممر محدّقا بي نظرتُ يمينا وشمالا ولا أدري كيف أصبحتَ مقابلي نظرتُ إليك، حاولت قراءة ما تريد كل ما قرأته هو نظرات عينيك التي كانت تحاولان فهمي كنتَ تبدو مشوّشا لكنّ لم يعُد بإمكاني أن أسألك ما بك فقد أصبحتَ في ذمّة أخرى وهذا بالنسبة لي يعتَبر الحد الفاصل
محاولات عدّة لكنّي وجدتّ نفسي بالرغم مني أبتاعُ لك عِطراأخبرتني أنك تشعر بالحرج ولا يمكنك قبول الهدية أخبرتُكَ بأنها "على اسمك" وإن لم تقبلها ستكون الحاوية ملجأها أخذتها مني لتُرسِلَ لي بعد أسبوع رسالة مفادها أنّك لم تقوى على فتح الهدية إلى هذه اللحظة وأنّها قبعت في زاوية غرفتك كاللعنة تنظر إليها بين الحين والآخر لا تدري ما العمل أخبرتُك أنها مجرّد هدية وليست قنبلة ستنفجر في وجهك قلت لي: قد تفعلينهابينما أنا قلتُ في سرّي: لستُ حمقاء لأفعلها ولكن "إلّا الحماقة، أعيت من يداويها"
أتعلمين يا طُهر ما تفعل بعض الكلمات بنا؟ أتعلمين أيّ فرحٍ تبثّه فينا؟ كيف تجعل أرواحنا تتراقص بخفّة؟ بساطة الكلمات مع بساطة فرحنا نحن حقا لا نحتاج إلى الكثير
يجذبني هذا النوع من القبّعات تحجب المارّة عن قراءة العيونفكلام العين يفضح أكثر من كلام اللسان وبعض المارّة بارعون بقراءة العيون نظرة واحدة كفيلة بإفصاح القصة كلّها
لِمَ لا أجدني عندما أحتاجني؟ أين أختفي في كل مرة؟ أليس من الأجدر أن أكون مع نفسي؟ لقد تعبتُ السفر بحثاً عنها! لقد أرهقني ملاحقتهاأريدها أن تعود فما أحوجني إليها لقد سئمتُ من هذه الروح التي تسكنني أريدُ روحي القديمة أنا القديمة لا تعجبني النسخة المنقّحة مني لا تعجبني أبدا
عندما أتيتَ إليّ الأسبوع الماضي قلتَ لي بحرفيّة فائقة أنك ستأخذُ إجازة طويلة لذا أردت أن تودّعني في حال أنّك لم تعُد ثمّ قلتَ لي بحرفيّةٍ أكبر أنك تتمنّى لي الأفضل وتتمنّى أن أسامحك إن كان قد بدر منك شيء سيّء وأنهيت "ديري بالك على حالك"لم أقبل أن أكون أقلّ منك مهنية أو حرفيّة لذا ابتسمتُ ابتسامة عريضة وأضفتُ بعض الفرح على صوتي وتمنيتُ لكَ السعادة والتوفيق وأنهيت "دير بالك على حالك"هكذا انتهى المشهد البائس لأظلّ أحدّق في الورق المكدّس أمامي الذي لا أكاد أرى ما فيه من المطر الذي تكاثف في عيني
تأخذان حيّزا كبيرا من القلب لكنهما لم تفرضان السلطة في كل الأجزاء فما زال هناك في البطين الأيمن وكذلك في الأذين الأيسر مساحات مشاع لا يسكنها أحد ولا تخضع لسلطة الرضا والقناعة لتبقى الحدود معرّضة للانكساراتهو القلب لا تستطيع الرضا ولا القناعة ولا العقل أن "يعقّلانه"لكن اللسان لا يفتأ مردّدا رضا ولو أنّ الدموع تغزو العينين لكنّي على قناعة تامّة بأنه سيأتي يوم أقول فيه "هو القلب ضلّ قليلا ثمّ عاد"أويأتي؟ ,,, مساؤكَ أمل أحمد ?