إننا نطمح إلى عزلة حقيقية تتعاطف مع ذواتنا وإلى عزلة تضرب بصور الماضي عرض الحائط، فما نعيشه في عزلتنا الحالية ما هو إلا محاولة لوقف تراكم الأحداث الجديدة، فالهدوء الذي لا يسبقه شيء، و المباغتة لأنها في حقيقة الأمر ليست إلا عزلة مزيفة تبقينا مع ذكرياتنا القديمة في زنزانة واحدة مكبلين بذاكرتنا التي يملؤها أطنان من الوجوه المُبعثرة في مشوار حياتنا الماضية.
"لا يستمر معي أي شيء طويلاً، كنت أرحل عن كل شيء، عما أحب، عما أكره، عما أريد، وعما لا أريد، قضيت عمري كله وأنا أشعر دائما بأن عليّ أن أغادر."- مي زيادة.
إن الإنسان يفقد قدرته على اللجوء إلى الآخرين بعد مدةٍ طويلة من البعد، حتى وإن ظلوا خيارًا مُتاحًا.. فالحواجز تُبنى، والمشاعر تبهت، وكل الأمور تُشير إلى أن الطرف الآخر لم يعد مكانًا آمنًا.