عن خيبة ماجدة الرومي وهي تقول : يُخبرني أنّي تحفتهُ وأساوي آلاف النجمات، وبأني كنزٌ، وبأني أجمل ما شاهَد من لوحات ، يبني لي قصرًا من وَهمٍ لا أسكن فيه سِوى لحظات، وأعود لطاولتي، لا شيء مَعي إلا كلمات:"
ارجع إلي فإن الأرض واقفـة كأنمــا فرت من ثوانيهــــا ارجع فبعدك لا عقد أعلقــه ولا لمست عطوري في أوانيهــا لمن جمالي لمن شال الحرير لمن…ضفـائري منذ أعـوام أربيهــا ارجع كما أنت صحوا كنت أم مطرًا فمــا حياتي أنا إن لم تكن فيهـا
القاعدة الأولى وأظنها الوحيدة لِـ سلامك النفسي.. وهدوئك، وتوقف ضجيج أفكارك.. أن تَجلس في شُرفَتك في هذا الوقت من كل صباح، أو "أي مكان" تستطيع أن ترى من خلالهِ منظر الشّروق وأشعة الشمس في بدايتها الدافئة بكل هدوء، تأمل.. فقط تأمّل. اعطِ لعينيك فُرصة التّجول في جمال الطبيعة التي أبدع الخالق في تنظيمها وصُنعها، وانظر لِما أقسم ربنا وقال ﴿والّصّبْح إِذَا تنفّس﴾استَرخْ.. ولا تُفكر في شئٍ قَط، وانت تَبدأ يومك ببضع آياتٍ من القرآن، ومستمتع بمداعبة نسمات الهواء لك، املأ رئتيك هواءً نظيفًا لم يُشوبه سخافة البشر بعد، وازفر انفاسك ببطئ.حينما تنتهي وتبدأ يومك ستعلم أن هُنا تَكمن الراحة كُل الرّاحة، هُنا سلامٌ نَفسي من نوع آخر. سلامٌ نفسيٌ كافٍ لجعلك بخير طيلة اليوم، ولجعلك تغفر للحياة كدرها مهما كان.
لٰكِن الدُنيَا بِما وَسِعت لا يُمكن أبدًا أن تُغني مُحبًا عن الوَاحِد الذي يُحبه، هذَا الوَاحِد لهُ حِساب عجِيب غير حِساب العقلِ، فإن الواحدَ في الحِساب العقلي أول العَدد، أمَا في الحِساب القلبي فهُو أولُ العَددِ وآخِره، ليس بَعده آخر إذ ليسَ مَعه آخر! ❤️
وامنُن عليّ.. بإبصار الطّريق عند كلّ حافّة، ووضوح الرؤية عند كلّ اختلال، وارزُق قلبي بَصَرًا يَراكَ فيه فلا يَبتعد، يَلحَظ نِعمَتَك فلا يَنسى، يَلمَحُ رِضاك فلا يَميل، وآتِني من الفَهم ما يُفَكّك مُعضِلات الأمور، ومِن التّركيز ما يُلزِمُ ثوابت الثُّغور، وألهِمني ترتيب الوقت، والمهام، والأفكار، واجعلني مشروع شهيد، أخرجني مما أريده إلى ما أنتَ تريد، وأشغلني بالآخرة، وخُذني إليك إن نَسيتُك، وقَرّبني إن ابتعدت. وثَبّتني على ثَغرٍ تُحِبّه وترضاه.
سَلِ اللَّه ألا يذهب عُمرك سُدىٰ، وألا تتخبَّط بين الطُرقاتِ حائراً لا تدري أين الصواب، سَلهُ خير القلوب، وأحن الكفوف، وأدفء الأحضان، سَلهُ ألا يجعل لك حاجة عند القاسية قلوبهم، وأن يُسخرك لقضاء حوائج الناس، سَلهُ في كُل وقتٍ وحين ألا يجعلك ندبة في قلب أحد، وأن يجعل لكلماتك وَقع هين علىٰ مستمعيها، سَلهُ الخفة في الرحيل؛ ترحل لا لك ولا عليك، كما ولجت لدُنياك خفيفًا.
يقولُ ابنُ عطاءِ الله:« إذا التبسَ عليكَ أمران فانظُر أثقلهُما على النّفس فاتّبِعه؛ فإنّه لا يَثقُل عليها إلا ما كان حقًا ».ويقُول الشّافعيُّ:إذا حارَ أمرُكَ في مَعنَيَين ولم تدرِ حيثُ الخطأ والصّوابُفخَالِف هَواكَ فإنَّ الهوَىٰ يقودُ النّفوسَ إلى ما يُعابُ
سأحدثك حديثاً لا ينبغي أن يقف عندك! فاسمع مني وبلغ من تُحب:كل الذين رحلوا إلى الله لم يكونوا يعلمون زمان أو مكان منيّتهم، كانوا مثلي ومثلك مؤمِّلين، كلما تقدم بهم العمر ازدادوا حرصاً على الدنيا وشُحّاً في البذل وأملاً بطول العيش. الذين رحلوا إلى الله مثلي ومثلك، كانوا إذا سمعوا عن موت أحدهم يسألون: كم عمره، هل هو مريض؟ وكأنه بحث عن سبب يطمئننا لمنطقية حدوث الموت لهم، وعدم حدوثه لنا! الذين رحلوا كانت لهم مخططات ليوم تالٍ، ولسنوات قادمة، خرجوا من بيوتهم لهدف غير الموت، ربما أوصاهم أهليهم أن يعودوا بحاجيات فوعدوهم بها، وربما كانوا يعجّلون سيرهم لإدراك ضيف آت أو احتواء دافئ للعائلة، لكن القدر سبق. الذين رحلوا كثير منهم كحالنا، حملوا كما نحمل ذنوباً لو كشف سترها الله لنزلنا في نظر الخلق إلى أسفل المدارك. كانوا ربما يمنون النفس بتوبة تأتي، يعزمون عليها، غداً، بعد سنة، بعد عمر.. لكن النهاية كانت أسبق، وضاعت الفرصة، ولا رجعة بعد انقضاء الأجل. الآن، الآن وليس بعد ساعة، ولا بعد دقيقة أنت حيّ، أنت ممنوح فرصة الأوبة، أنت تملك أن تعود، أن ترتحل إلى الله في حياتك، قبل أن ينقضي أجلك، إياك أن تؤجل، إياك أن تقول "سوف"، إياك أن تغامر مع القدر، أو تبارز الجبّار، إياك أن تجرّب حظك. اللهم ردنا إلى طاعتك، واصنعنا على عينك، واصطنعنا لنفسك، وأخلصنا لك.