قصّة قصيرة .......... في حيّنا الصغير مات شاب عشريني العمر منذ سنينٍ خلت تاركًا خلفه على حائط غُرفته رسالًة تقول :"لا تلوموا أنفسكم بعد موتي فمن قتلني هو نفسي". وبعده بعدّة أيام مات شاب آخر تاركًا الرسالة نفسها على منضدته الخاصّة بالدراسة . ولجهل أهل الحيّ ظنّوا أن سِحرًا قد فتك بهم ، وظنَّ آخرون أنّ ساحرًا يتربّص بشباب حيّنا لأسبابٍ مجهولة . حتّى أنّ بعضهم أقسم أنّه رأى ساحرًة عجوز تطير على مكنسٍة في سماء ليلٍة مُقمرة ! . مرّت الأيام ومازالت الأسباب لموتهم مُبهمة ، قامت الحرب في بلدي وهاجرت عنها ، وأنا الآن في المنفى جالسٌ وحدي ، كتبتُ مرًّة على جدار غرفتي "لا تلوموا أنفسكم بعد موتي فمن قتلني هو نفسي" ، وكتبتها مرًّة أُخرى على منضدتي الخاصّة لإحتساء النبيذ . ولكنّي اليوم وبعد تفكير عميق تذكرت أنّي في بلدٍ أجنبي لا يقرأون لغتي العربية ، ولا أهلٌ لديَّ ولا صديقٌ ليقرأ . اليوم وقد علمت من هو الساحر الذي اقتصَّ من أبناء حيِّ الصغير بعد أن هاجرَ خلفي إلى المنفى ليقتصَّ منّي أيضًا ، إنّه "الإكتئاب" قاتلٌ مأجور وليس ساحر كما ظنَّ جُهلاء بلدتي . اليوم أكتبها هنا في "السوشال ميديا" لكم : "لا تلوموا أنفسكم بعد موتي فمن قتلني هو نفسي ". ?
أنا أعمق من تلك الصورة التي في مخيلتكم لي ، أكثر قوة من هذا الذي تروه يَكتب ، أشد لامُبالآة من هذا الذي يُعاني من القلق والخوف دائمًا ، وأكثرهم إنسحابًا في حين أنكم تظنون بأني لن أتجاوزكم ، أنا شخصٌ آخر لم تتمكن الأيام من شرحي لكم ، ولن تستوعبني ظنونكم أبدًا ?