كثيرة التبسُّم قليلة التكلُّم، طويلة البال وقصيرة الغفوات، إذا اصطحبتُها إلى السوق لم تكن ثُقباً بالجيب ولا عالة على عظام القدمين .. تأنف من الإضطجاع ومتابعة قنوات الطبخ من فراغ، فمذهبها هو الفعل الجاد، ولسان حالها الخبر ما ترون لا ما تُشاهدون .. وأمَّا شأن مائدتها فهي قِبلة العُزَّاب الناقمون على الأطعمة الجاهزة والسريعة، وملاذ العِرسان الجُدُد الهاربون من التسمُّمات ومحروق الطعام وفوائض الملح .. فطبخاتها يُسار إليها بالأيام والليالي والجُمَع والشُهور، رجالاً وركباناً وطائرين ومُبحرين وسابِحين، مُنسكبين من كل ضامر وفج عميق .. لله درُّها ترى سكينتها وسُكناها وذاتها وكينونتها في المطبخ، بين نشنشة القدور وتراطُم المعالق بالأطباق، فإذا منعتُها عنه تأفَّفت وإذا خلَّيت سبيلها إليه استبشرت، فبين جُدرانه الأربع تُسطَّر أسمى طُموحاتها وأحلامها .. فتجد تفاخُرها بعدد وصفات الأكلات لا بالأوراق الجامعية، وتبختُرها بمريول الطبخ لا فساتين السهرات، غانية تُصرِع لُبِّي لا بالتكحُّل والماسكرة، وإنما بلحظ عُيون فُرنها الفاتن ..
كيف نُجدد عهدنا مع الحياة ؟ ما الذي تحتاجه النفس حقًّا لتستعيد الشغف وتمتلئ بالرغبة الحقيقية ؟
الشغف، الرغبة، العزيمة، الهِمَّة .. لا أجد لتلك الصفات أي أسباب عملية تلقائية تجعلنا المتحكمين بها .. ولكن (الحُب) هو المحرك الوحيد والقوة الدافعة والمحفز القادر على إحياءها في النفوس .. حب الذات، حب الغاية، حب الله، حب الأشخاص ..
أيُعرّف مثلي في ورقة ؟ ثم الهزبر لا يخفى على هزبرٍ مثله
أتدري، حقك علي .. غالباً كنت ساهياً في شيئ آخر حين سألتك عن السي ڤي فلا تؤاخذني يا أخ العرب ..
الغنائم التي تحصل عليها يا صديقي مغرية جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بالباص، يبدو أن طريق السيف والبعير أكثر ثراءً وأولى بالاتباع من طريق الأسهم .. توكلنا على الله
قرار صائب، ستذكرني وتشكر لي .. الآن أرسل لي السي ڤي .. وهنيئاً لك مقدماً ..
وماذا تنصح من لا يملك شيئًا يا صديقي الغني؟
الحقيقة يا أبو سارة أنّ المثالان السابقان بالذات لمن ليس لديه مال .. فالأولى يمكنك شراء جزء منها ولست مضطر لشراء العملة بأكملها، ولقد تضاعف سعرها ستة مرات منذ العام الماضي .. والأخرى قبل عامين كان السهم ب٣٥ دولار واليوم ب٣٥٠ وللأسف لم أشتري وقتها، والشركة في اتساع ملفت ..وأمّا شخصياً فالسر وراء ثرائي فبجانب الغزو وقطع الطرقات فهو يكمن في (نظرتي القيمية للأشياء) من حولي .. فما قد تراه أنت مجرد شاحنة لتوزيع الخبز تسير في الشارع، أنا أراها مؤونة غذائية لسنة كاملة - بعد السطو عليها .. وما قد تراه أنت باص لتوصيل معلمات، أراهُ أنا ثلاثة زوجات صالحات وطبّاختان وحالبتان للنياق .. وهنا دعني أعرض عليك الإنضمام إلي، كل ما عليك إحضاره هو سيف وبعير، وأضمن لك الثراء السريع ..
لمن عنده بعض المال الذي لا يمانع استثماره في الأسهم، أنصحه بإعتبار الإستثمار في : 1. العملة الرقمية Bitcoin - صعود حاد، ربح سريع، مخاطرة أعلى، بالإمكان شراء جزء من السهم .. 2. أسهم Tesla للسيارات - صعود بطيئ، مخاطرة أقل، ربح جيد في المدى الأبعد ..
ما موقفك كمسلم إذا ما تم الإساءة إلى دينك في شرائعه وأحكامه أو بالإساءة إلى الرسول عليه أفضل الصلوات والتسليم أو بالنيل من زوجاته وصحابته رضوان الله عليهم ؟ خاصة إن لم تكن الإساءة ناتجة عن جهل .
طالما ليس عن جهل، لو حصل ذلك خارج حدود البلد المسلم أو عبر الإنترنت، فالتجاهل وعدم الجلوس معهم كما أمرنا ربنا في كتابه .. وأما لو حدثت الإساءة في أرض مسلمة بين ظهرانينا، فالحُدود الغلاظ على كل متجرِّئ، ضرب مُبرِح وتنكيل منا كأفراد وعامة .. ثم تصليب وتقتيل من قبل الحكومة، وليُوَلوِل رُعاة حُريات التعبير حتى تبُح حناجرهم ..
أكثر عبارة أو مشهد أو نظرة شفتوها أو سمعتوها بمكان ما وما نسيتوها أبداً؟
عبارة لأستاذة درّستني وهي تشهد لي بالكينونة العميقة والبصيرة النافذة .. وكان ذلك ببداية دراستي في بلاد الكفار عُبّاد الصليب عليهم من الله ما يستحقون، إذ كان من ضمن المقرر الأكاديمي إختيار مادة فنون واحدة على الأقل للحصول على شهادة، فاخترت دراسة اللوحات المرسومة .. وكانت مُدرِّستي بروفيسورة ستينية العمر مثلية الجنس بقصة شعر رجالية ووشم ومشية متبخترة، وقد هزّأتني مرة حين ابتدأت إيميلي لها بـ .Ms .. فكنا نلتقي في المتحف مرة في الأسبوع، نتسمّر أمام اللوحات نتأملها، وتسألنا أن نصِف ونُحلل ما نراه أمامنا .. وكان ذلك غريباً بالنسبة إلي كون حصة الرسم التي ألِفتها منذ الصغر تعني بالغالب "حصة فاضية" أو حصة رياضة غير معلن عنها، أو حتى لعبة "إنسان جماد حيوان" مع الزملاء في المقاعد المجاورة .. فوجدت نفسي فجأة بين هؤلاء المشركين، أقف أمام لوحات بالكاد أستطيع نطق إسم راسميها، أشير إلى أنحاء اللوحة، وأومئ برأسي منهمكاً متفكراً متدبراً .. ولكن ولأنّ العُمق يجري في عُروقي جري كريات الدم الحمراء، يمكنني القول - بتواضع - أنني أبهرت زُملاء الشرك ورأس الكُفر تلك المسترجلة، مما جعلها مضطرة لمنحي تقدير الإمتياز وبجدارة، بل وأثرت إهتمامها بوضوح حتى خصّتني في اليوم الأخير أمام الجميع قائلة : .. Abdul, you have somethingولو أنني حينئذٍ كدت أن أرد عليها "وما الجديد الذي جئتِ به أيتها المُنحرفة؟" .. إلّا أنني قبلت مدحها وحمدت الله الذي جعلني ذخراً للإسلام والمسلمين وأن مثّلتهُم خير تمثيل ..