الأحرى لا سُجناء ولا أحرار ولكننا في إطلاق سراح مشروط .. وذلك بأننا في دائرة واسعة من الحُرية العارية السقف والمُطِلة على مداد السماء، ولكنها مسدودة الأطراف وتُحيط بها بوابات زنازين من كل الجهات.. أو بمعنى أوضح، نطاق حُريتنا ينتهي مع أوَّل خطوة نخطوها إلى داخل إحدى تلك الزنازين على حدود حُريتنا ..
إن أُضطررت إلى إختزال معنى الحُب في كلمة واحدة فستكون ( التنازُل ) - طوعاً - فكُل حُب تنازُل وكُل تنازُل حُب .. وما تنازل الله عن مقدار من رحمة أو هِداية أو رزق إلَّا حُباً لعبادِه .. ولم تتنازل أُم عن نوم أو راحة أو صِحَّة إلَّا حُباً لولدها .. وما تنازل صديق عن حق أو مال أو وقت إلَّا حُباً لصديقه .. ولم يتنازل زوج عن عزّة نفس أو شطر من غُرفة أو حتى قناة تلفاز إلَّا حُباً لزوجه ..
أرى بأن الحد الفاصل سيتوقف على الطرف الآخر المعني بمُعاملتنا .. فيُقسَّم الناس إلى قسمين، القسم الأول من يندرجون ضمن دائرة المقربين والأهل والأرحام والقسم الآخر من هم دون ذلك. وإنطلاقاً من هذا، بما أنّ أساليب التعامُل أربعة : رحمة = إيغال/تجاوُز في الخير عدل = المثل بالمثل بأخذ إعتبارات مساواة = المثل بالمثل دون أخذ إعتبارات ظُلم = إيغال/تجاوُز في الشرفالتطبيق :ٰ للأرحام/المقربين : الرحمة واجبة، العدل واجب، المساواة مُحرَّمة والظُّلم مُحرم ..ولغير الأرحام : الرحمة مُستحبة، العدل مُستحب المساواة مُباحة والظُّلم مُحرم .. ٰ وهي ليست نظرية مُسلم بها على كل حال، وبالطبع لا يُحمَّل الإنسان فوق طاقته، مع الذِّكر بأنَّ الله قد حثَّنا في مواضع عديدة على تحييد الأنا بالميل نحو الرحمة والعدل، وإن كان في ذلك ثقل على النفس، وذلك حتى نسمو إنسانياً وأخلاقياً ..
نحن لا "نعرفه" ولكننا (نجده) .. ثُم قد نُعذر في جهلنا بكُل الطُّرُق عدا الطريق المؤدي إلى الله .. إذ كيف يُجهل الطريق نحو واضِع الوِجهات وهادي الخطوات وشاق الطُّرُقات!؟ ومِن رحمتِه بالمُتعثِّرين وعِلمِه بالحائرين وإسكاتِه للمُتحجِّجين، أن فلقَ لهُم مسالِك لا حصر لها كُلها تؤدي إليه، حتى لم يُبقِ لهم عذراً .. و مِن تلك الطُّرُق : التفكُّر، والتعبُّد، والبحث، والعِلم، واليأس، والصِّدق، والتَّيه، والحُب، والخوف، والضلال، والخير، والشَّر، والوِحدة، والعُزلة، والكثير غيرها .. كلها قد تؤدي إليه تعالى إذا صدقت النِيَّة وشُد حزام العزيمة ..
الغاية الأساسية من الكتابة هي القراءة .. والغاية الأساسية من القراءة هي (العِلم)، والذي يُعتبر أهم شكل من أشكال القُوَّة هذا العصر، فإن أُستُغِلَّت الكتابة في الإطار العلمي، أصبحت وسيلة فعَّالة لتحقيق (النَّهضة، والتأثير، والمناعة، والإستقلالية،...) للأفراد والجماعات على حدٍّ سواء ..
بما أنَّ مُصطلح "إنساني" يُطلق على من يتَّصف بالرحمة تجاه الإنسان، فلماذا إذاً مَن يفتِك بالنباتات ويحشُرها في فمِه ويطحنها طحناً بأسنانِه يُسمى "نباتي" ؟ أليس مِن الأولى أن يُسمى "حيواني" بحُكم أنه لا يقرب اللحوم ولا يبطِش بها كبطشِه بالخضروات والفواكه ؟؟ بلى وربِّي .. ٰ#تعمُّقات
إن كُنت تقصِد الحُب مِن جهة واحدة، فنعوذ بالله منه .. أوَّله عذاب مُبرِح و نِهايته موت ذليل بطيئ بلا تكريم ولا تشييع، ومع كُل هذا الجاني طليق السَّراح فار من العدالة، فبِئس القتْلة !
كسَّروا مجاديفي، خرَّقوا أشرِعتي وقدُّوا بطن قاربي ثُم رموا بي في عرض بحر هائج ..فإذا بالرَّحمات تتسرب إلى القارب عبر الشَّق الذي صنعوه .. وإذا بالمركب الخائر يتمايل كقطعة خشب لا حيلة لها أمام تلاطُم أمواج حِكمة الـ( كُنْ ) .. مُسلِّماً مُنقاداً لعصف الرَّشاد الذي يجُرُّه نحو برِّ السلام .. نحو الملجأ الأقدر والمُغيث الأجدر .. البرِّ السَّلام ..