العُزلة هي محطة تُحشد في رحابها القُوى، وتُلتقط في عُتمتها الأنفاس، وتُلملم في سكينتها الأفكار.. فتُساعدنا على ترتيب الأولويات وتحديد الوجهات .. ولكنها ليست الحل الأمثل، لأنها حل مؤقت، فإن طالت مُدَّتها دلَّت على إستسلام أمام الواقع وهُروب من المواجهة .. ولهذا فسلبية العُزلة أو إيجابيتها تتوقف على طول مُدَّتها وما سوف يليها .. والمؤمن - خليفة الله في الأرض - قد وُكِّلت إليه رسالة سامِية شطراها (الصَّلاح والإصلاح) - التغيُّر والتغيير - والرُّكون كُلِّياً إلى الغاية الأولى على حساب الأُخرى بحُجَّة إعتزال الناس وبناء النفس أمر خاطئ تماماً .. فنبيَّنا العظيم مُحمّد ﷺ إعتكف في غارِه حيناً، وما إنتهت مُدّة عُزلته حتى أتاه أمر الله : "يا أيُّها المُدثِّر، قُم فأنذِر" .. أو بمعنى آخر : قد أصلحت الداخل بِعُزلتك، والآن قُم فأصلِح العالم ..
ما الأسباب التي تجعل الرجل يتخذ من المرأة صديقة يخبرها عن تراهات حياته وعن آلامه ؟
الرِّجال عُموماً يتحاشون إظهار ضعفهم أمام نظراءهم من الرِّجال؛ فذلك مُشين في قاموس رجولتهم .. ولكنهم يرتاحون أكثر في كشف ضعفهم للإناث، خاصة المقربَّات منهم كالأُم أو الزوجة أو الأخت أو الإبنة .. فإن لم يجدوا إحدى هؤلاء بمقربة منهم، إختار الأبله إمرأة غريبة يُحدِّثها عن "تُرَّهات حياته" كما تفضّلتُم بالوصف .. ولكن لا تنسي بأنَّ المرأة أيضاً تحب لعب دور الصديقة المشفقة بهذا الرجُل الغريب، والحنونة التي إنتشلتهُ من غياهِب الحُزن والألم ..على كُلٍ هي قصة مُثيرة للغثيان، بطَلاها رجُل حزين مُكتئب و فتاة تُطبِّب له الجُروح .. أو حتى العكس، فتاة ضائعة تبحث عن ملجأ آمِن ورجُل مُنقِذ شهم ينزل من فرَسِه مُلبِّياً النِّداء ..
إلى صاحبة السؤال الأخير
من أيام فقط كنت بكل الصفات التي ذكرتها خاوية أشعر باكتئاب لا معنى ولا سبب له
ولكن من رحمة الله أنه دلني على الطريق بعد أيام لا بعد سنوات
ركعتان في جوف الليل ابكي و أخرجي ما في قلبك و حتى خواءه لله
واستمري إلى أن تجدي الفرق و يقينا بالله ستصلين
دلني..حزينة،اشعر ان قلبي خاوي،افتقد الفرح والامل في كل شي،فقدت الشخص الوحيد الذي شعرت معه بالانس وتالف الارواح..بسبب ذنوب..حكمة ربنا،كيف اصبر كيف يكون الرضا؟كل امر الله لنا خير..هل نعيش دون تالف..بي مشكله نفسيه?افتقد الانس حتى مع عائلتي افتقد الامان في كل شي..وكانني مرغمه على الحياه،دلني على الله
هناك شاب قريب لي كان إجتماعي ممتلئ بالحياة يحبه الجميع وفيه أغلب صفات النجاح .. ثم لسبب ما، باغته الحزن الذي تطور لاحقاً إلى إكتئاب حاد رافقه لثلاثة سنوات .. لدرجة أنه كان يقسم لي بأنه لا يستطيع الإبتسام ولا حتى إن أرغم نفسه .. وتمنى الموت أياماً وليال طويلة حتى أنه دعا به مراراً في أدعيته، ولولا أن كان مسلماً لظننته قد إنتحر منذ زمن .. صار إنطوائياً جداً لا يتحدث مع أسرته إلا بكلمات معدودة في اليوم، وهجر معظم أصدقاءه بلا رجعة، وراجع طبيباً نفسياً لمدة قبل أن يتركه .. وكما عرفته لم يكن محافظاً على صلاته ولا صيامه ولم يكن الأفضل أخلاقاً، ولكن كانت فيه بذرة إيمان طيبة أستشعرها فيه من حين لآخر، ولديه حُب غريب لله ولكنه لا يخشاه كما يقول .. وكان مدمنا في سماع الأغاني حيث لم تفارق السماعات أذنه، يأكل معها ولا ينام إلا وهي مُعلَّقة في أذنه .. يقول لي أنه كره نفسه وأسرته وكل الوجود .. ومرَّ بضعف ديني ونفسي رهيب، حتى أنَّ ضعفه هذا ظهر في مشيته إذ صار لا يمشي إلَّا مُنكساً لرأسه .. وفي نظراته إذ لا يستطيع النظر مباشرةً في الوجوه .. ثم يقول أنَّ "قوة ما" بدأت بِجرِّه إلى طريق آخر لا يعلم وجهته .. كان لا يصلي ثلاثة صلوات يومية ولكنه يصلي صلاتين يومياً في المسجد، وأصبح يمسح الأغاني تدريجياً والتي وصفها "بالسرطان" من هاتفه وحاسوبه - قال أنه مسح ١٧٠٠ أغنية في جلسة واحدة أمام حاسوبه - وتحول لاحقاً إلى سماع الأناشيد ثم ملّ منها وصار يدمن سماع القرآن على حد وصفه .. ثم مرت السنوات، وإذا بي أقابل ذات الشخص وعلى وجهه إبتسامة لامعة عرفته بها أيام الصِّبى، وصارت لا تفارق وجهه أغلب الوقت .. وصار قوياً بحول الله، يخترق الحُشود ويتصدر الجُموع، مما جعلني أُصعق لهذا التحول العجيب السريع، وأُسبِّح بالله إذ كيف يُخرج الحي من الميت وكأنه ما مرَّ بما مرَّ به! .. بل ويحكي لي كيف صار حاله الآن، إذ يبكي (حُباً وشوقا!) لله و يُحادثه في سجوده .. ودُموع الأسى صارت دموع سعادة فيشكُر الله على السوء الذي مرَّ به، ويُسمِّيه أكبر النعم التي رزقه به الله .. وحين أُذكِّره بدعائه لله بأن يُميته حين كان مُستسلماً، يبتسم ساخراً من نفسه ويقول أنه صار لا يذكر أغلب البأس الذي أصابه وأنَّ الله محاه عن فؤاده وكأنه لم يكن موجوداً يوماً ..أختي، يقول الشافعي - رحمه الله : إذا تخلَّى الناس عنك في كرب، فاعلم بأنَّ الله يريد أن يتولى أمرك .. وأضيف : ما تمُرين به ليس إلَّا تدبير من الله ليهدي سفينتكِ إلى مرفأ معِيَّته، ودليلي على هذا هو أنكِ عدَّدتِ كُل ما تشعرين به ثم ختمتيهِ بطلبك الطريق المؤدي إلى الله .. فابشري بتمهيده لك .. هي مرحلة كُتِبت عليك، فيها تُجرَّدين من نفسك التي لرُبما لهت حيناً عن ربّها وتناست وجوده ..ثم أعلم شُعوركِ الآن وكيف أنَّ الأيام تُصبِح ثقيلة كالسنوات، ولكنه صبر ساعة ويأتي غيث الفرح .. وستذكُرين ما أنتِ فيه بعد فترة من الآن، فتضحكين كما فعل صاحبي ..
قانون نيوتن الثالث يقول : "لكُل فعل رد فعل آخر مُساوٍ له في المِقدار ومُعاكس له في الإتجاه" ..وحقيقةً هذا القانون لا يستثني صراعات الأقوام، وللمُشاهِد أن يتأمَّل كيف رضخ العُربان مؤخَّراً فابتلى الله المُتنمِّرين الشُقر بهذه القلنسوات العبوسة القمطريرة ..
هو ليه انتوا كرجالة بتفرق معاكم اوي عيلة البنت حتي لو البنت كويسة جدا بيفرق معاكم لو والدها متزوج من حد تاني مثلا او اخوها ليه ؟ هو مش كفاية البنت تكون كويسة ؟؟
لماذا التعميم ؟ شخصياً لا أبالي كثيراً بأسرتها طالما كانت الفتاة صالحة إلى حد ما .. وأمَّا إذا كان أهلها قتَلة مُغتصبون مثلاً، فالأفضل لها أن تكون شبه ملاك ليُضحّى من أجلها .. ثم تذكَّري بأنّ أهل الفتاة سيُصبحون أخوالاً للأبناء لاحقاً وذلك ليس بالشيئ الذي يُتغاضى عنه ..ولكن عُموماً كُلما إزداد سوء عائلة الفتاة، لحَّت عليها الحاجة أكثر بأن تزداد صلاحاً عسى أن يشفع لها ذلك، والرجُل ليس بمنأى عن هذا الأمر ..
كما أسلفت بالقول، لا رأي محسوم لي بعد، ولكنني شخصياً أفضل عدم الزيارة .. والمقصودون بالطبع هم المسلمين الغير فلسطينيين، وأما الداخل فأظن أنه لا يتوجب عليه زيارته فحسب بل الإعتكاف الشبه دوري فيه تأكيداً لقدسيته ..
في الحقيقة ظللت محتاراً لمدة طويلة في أمر الزيارة وإذا ما كانت تطبيعاً أم لا، وحتى الآن لم أحسم رأيي بعد .. ولكنني لاحظت جُهوداً حثيثة من السُلطات الإسرائيلية لجذب الزائرين من الخارج .. وحتى أنهم يوافقون على ختم وثيقة منفصلة عن الجواز لمن لا يرغبون بوجود ختم إسرائيلي على جوازاتهم .. فصرت أميل إلى أن زيارة القدس تطبيع فهُم ما كانوا ليسمحوا بذلك الخيار دون تخطيط ورؤى مُستقبلية ..
لم يسهل لدى الكثيرين الكتابة عن الحزن دون الكتابة عن الفرح ؟
لأنَّ كِتابة الترف ليست ككِتابة الألم، والإمساك بالقلم ثُمّ تمريرهُ على الورق إبتِهاجاً ليس كعصرِه إمتِعاضاً وغرزِه والتخديش به .. ثُمَّ شتَّان بين ذاك الخاط بالحِبر وذلك النَّاحِت بدمعِه ودمِه؛ الأوّل تدعوه الرغبة في الكتابة والآخر تجُرُّه الضرورة الشديدة وتدفعُه الحاجة المسيسة .. فكيف يتساوى من يحبس كلمات الفرحة والقابض على جمرات الغم؟ أو كيف يتساوى تدفُّق حُروف السُّرور وتقاذُف حِمم الكدر؟ .. لا يستويان ..
حسب تعريف الشخص للتديُّن .. فهُناك من يحصُر التديُّن في الهيئة الخارجية، وآخر يراهُ فقط في الصلاة والصوم وإلتزام المسجد، وأخير يراهُ في مُعاملاتِه مع البشر فحسب .. وهؤلاء جميعاً تديُّنهُم ناقص لأنَّهُم يجتزئون ما يُريدون ويترُكون ما لا يُريدون ..ولكن التديُّن الفعلي هو تديُّن كامل شامل، داخلي وخارجي، يُؤدَّى فيه حق الله والنفس والناس ..